واستشكل ذلك في شرح النافع فقال : ولو قيل بجوازه إذا اقتضت مصلحة الولد ذلك وتراضى عليه الأبوان لم يكن بعيدا ، قال : ويدل عليه ما رواه الشيخ (١) في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها أكثر من حولين كاملين ، فإن أرادا الفصال قبل ذلك عن تراض منهما فهو حسن».
أقول : الظاهر أن الوجه في الجمع بين هذا الخبر والخبرين الأولين هو تخصيص النقصان في هذا الخبر بما لا يبلغ النقصان عن ذلك الحد ، فإن الخبرين الأولين ظاهران بل صريحان في تحريم النقص عن ذلك المقدار.
بقي هنا شيء يجب التنبيه عليه وهو : أنه قد تقدم في المسألة الاولى من المقام الأول الاستدلال بهذه الآية ، أعني قوله «وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً» على أن أقل الحمل ستة أشهر ، وأقصى الفصال عامان ، وهنا قد استدلوا بها على أن أقصى الفصال أحد وعشرون شهرا ، وأن يشكل أيضا ذلك على تقدير القول بأن أقصى الحمل سنة ، والقول بأن أقصاه عشرة أشهر ، وجواز أن تضعه لسبعة أشهر ، وفي جميع هذه الصور لا يتم أن الفصال أحد وعشرون شهرا ، ولهذا نقل عن ابن عباس أن من ولد لستة أشهر ففصاله في عامين ، ومن ولد لسبعة فمدة رضاعه ثلاثة وعشرون شهرا ، ومن ولد لتسعة هو أحد وعشرون.
قال في المسالك (٢) : وهو قول موجه جامع بين الآيات.
أقول : والأظهر عندي عدم الرجوع في الاستدلال في هذه المسألة إلى الآية المذكورة بل الاعتماد على الأخبار التي ذكرناها ، والمستفاد من النصوص الواردة في تفسير هذه الآية أن نزولها كان في الحسين عليهالسلام كما ينادي به سياق الكلام في الآية قبل هذا الموضع وبعده ، ولا بأس بذكر خبر من تلك الأخبار.
__________________
(١) التهذيب ج ٨ ص ١٠٥ ح ٤ ، الوسائل ج ١٥ ص ١٧٧ ب ٧٠ ح ١.
(٢) مسالك الافهام ج ١ ص ٥٨٠.