الخلاف بينهم في أنه هل تجب النفقة بمجرد العقد إذا كان دائما وإن سقطت بالنشوز ، أو أنه يشترط مع العقد التمكين الكامل؟ وعرفه المحقق في الشرائع بأنه التخلية بينها وبينه بحيث لا يختص موضعا ولا وقتا. فلو بذلت نفسها في زمان دون زمان أو مكان دون آخر مما يسوغ فيه الاستمتاع لم يحصل التمكين قولان ، الأكثر على الثاني ، بل لم أقف على مصرح بالأول وإن ذكر بلفظ «قيل».
ثم إنه على تقدير القول المشهور فهل يتوقف حصول التمكين على لفظ من قبل المرأة يدل على ذلك مثل أن تقول : سلمت نفسي إليك في أي مكان شئت ونحو ذلك مع حصول التخلية أم لا؟ قولان ، وبالأول صرح العلامة في التحرير ، وصرح في المسالك بأنه ذلك ظاهر كلام جملة من الأصحاب ثم استشكل في ذلك (١).
أقول : بل يجب القطع بعدمه ، أما (أولا) فلعدم الدليل عليه ، والقائل به لم ينقل عنه ذكر دليل على ذلك ، ولو من الأدلة الاعتبارية الجارية في كلامهم وأصالة العدم أقوى مستمسك حتى يقوم الدليل الواضح من الكتاب أو السنة على ما يوجب الخروج عنه ، وهذه قاعدتهم في غير مقام من الأحكام.
وأما (ثانيا) فلأن الأصل المبني عليه هذا القول أعني القول بوجوب التمكين على الوجه الذي عرفت ، وأن وجوب النفقة متوقف على ذلك مما لم يقيموا عليه دليلا واضحا ولا برهانا لائحا ، غير مجرد الدعوى مع ظهور الأدلة على خلافه ، وهو ما قدمناه من الأخبار الدالة على ترتب وجوب النفقة على مجرد
__________________
(١) حيث قال : واعلم أن الظاهر من كلام المصنف وغيره بل صرح به بعضهم أن التمكين لا يكفى حصوله بالفعل ، بل لا بد من لفظ يدل عليه من قبل المرأة بأن تقول : كلت نفسي إليك حيث شئت وأى زمان شئت ، ونحو ذلك ، فلو استمرت ساكتة وان مكنت من نفسها بالفعل لم يكف في وجوب النفقة ، ولا يخلو ذلك من اشكال ، انتهى (منه ـ قدسسره ـ). راجع مسالك الافهام ج ١ وفيه «سلمت نفسي».