فقال : (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) فشرحه هو توسيعه لصدره ، صلىاللهعليهوآله ، وفسحه لما كان يضيق عنه كثير من الصدور ، فيما حمل من التبليغ والأمور ، ومن شرح الله أيضا لصدره ، تيسيره في الدين لأمره ، وما أعطاه فيه من معونته ونصره.
(وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) فوزره ، هو ثقله ووقره ، والوقر من كل شيء فهو الحمل ، والحمل من كل شيء فهو الثقل. وإذا قيل لشيء : أوزره وزره ، فإنما يراد بذلك حمّله وقره ، وما حمل من الأثقال كلها والأمور ، فإنما يحمل منه الحاملون على الظهور ، وكلما يعمله المرء من خيره وشره ، فإنما يحمله على ظهره ، كما قال سبحانه : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ (٣١)) [الأنعام : ٣١] ، وقال سبحانه : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) [العنكبوت : ١٣] ، يريد سبحانه : «ما حملوه من كفرهم وفجورهم». وليس يريد (١) بذلك حمل أحمال ، ولا ما يحمل على الظهور من الأثقال ، وإنما هو مثل يضرب ، من الأمثال مما كانت تضربه وتمثله العرب ، وكذلك ما ذكره (٢) الله من الشرح لصدر نبيه ، وما نزل في ذلك (٣) من وحيه ، فذكره سبحانه لما ذكر من إنقاض الوزر لظهره ، وما وضع سبحانه لما ذكر من وزره ، فإنما هو تمثيل ، وبيان ودليل ، فليس يريد بشرح الصدر ، ولا ما ذكر من الحمل على الظهر ، شرح شيء يقطعه ، ولا حمل ثقيل يضعه ، وما حمل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من وزر على ظهره ، وذلك فلا يكون إلا من زلل وخطيئة (٤) في أمره ، ووضع الله لذلك عنه ، فهو حطه لما أثقله منه ، وحط الذنب فعفوه ومغفرته ، وقد غفر الله لرسوله ذنبه كله وخطيئته ، كما قال سبحانه له ، صلوات الله عليه [وآله] : (إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِراطاً
__________________
(١) في (أ) : يراد.
(٢) في (أ) : ما ذكر.
(٣) سقط من (ب) : في ذلك.
(٤) في (أ) : أو خطيئة.