والأخبار.
معنى (غَرْقاً) مغرقات لما أمطرن ، وكذلك المغرق من كل شيء أيضا : الناهي (١) فيه ، تقول : أغرق في النزع ، وهن (وَالنَّاشِطاتِ) في نزعهن (نَشْطاً) ، والنشط والإغراق : هو القوة في النزع والصب ، ومما ينتزع من المنتزع صكا.
ومعنى تنشط الماء : فهو تحيده وتطلعه ، ونشطا : مصدر كمصادر الكلام ، (وَالسَّابِحاتِ) هن : السحائب يسبحن في الهواء سبحا ، كما يسبح في الماء من كان سابحا يمينا ويسارا ، وإقبالا وإدبارا ، كما أراد الله عزوجل وشاء.
(سَبْحاً) مصدر أيضا ، وهن أيضا (فَالسَّابِقاتِ) بالمطر والغيث برحمة الله وفضله ، غير مسبوقات بإمساك الله للمطر لو أمسكه عن الأرض وأهلها بعدله ، وقد يكون السابقات هو : البرق ؛ لأن البرق أسرع شيء خفقا ، وأحثه اختطافا وسبقا ، والسحائب أيضا فهي (فَالْمُدَبِّراتِ) ، بما جعل الله من الغيث فيهن للشجر والثمار والنبات ، وفيما ذكرنا من هذا أعجب عجيب ، لكل ذي حكمة ونظر مصيب.
قيل : والمعنى فيه : (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً) الملائكة.
(يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧)) الراجفة : القيامة ، سميت راجفة لهولها ، يقال : نزل ببني فلان رجفة ، والرادفة : مردفة بهول يتبع هؤلاء.
(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ) ذلك اليوم ، (واجِفَةٌ (٨)) أراد مضطربة ، (أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)) منكسة ، (يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠)) أولئك الذين كانوا يقولون ، أراد يكذبون بالرد لهم في الحافرة ، هم الذين تخشع أبصارهم وتذل ، والحافرة : التي تحفر على السرائر وتظهرها ، (إِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)) تعجب منهم أنهم لا يرجعون إذا صاروا عظاما نخرة ، والنخرة : البالية الدامرة.
ثم قالوا : (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢)) أرادوا : نطفة (٢) خاسرة ، رد الله تكذيب قولهم بقوله عزوجل : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣)) تحقيقا أنها كانت
__________________
(١) كذا في المخطوط ، ولم يتبين المراد بها.
(٢) كذا في المخطوط ، لعلها (مصحفة).