مثل للزجرة ، الزجرة ـ والله أعلم ـ مثل مضروب للحياة بعد الموت ، كما يفزع النائم بالزجرة من الصوت.
(فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)) المتعبة لمن هو فيها ، تقول : فلان ألحق بالساهرة ، أي لم يخبر به.
قوله عزل وجل : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى (١٥) إِذْ ناداهُ رَبُّهُ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً (١٦) اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧) فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى (١٩) فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى (٢٠)).
قال : (هَلْ) خبر من الله عزوجل ، ولفظه لفظ الاستفهام ، ومعناه التوقيف على الخبر والإفهام ، كأنه قال : قد أتاك خبر موسى.
ومعنى (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ) فكذلك يقول الله ناداه ، وأنه أوجد كلاما به خاطبه وناجاه.
والواد المقدس : هو المكرم المنزه المعظم ، وهو طوى.
ثم قال : (اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى) أي : جاوز قدره وعلا وطمى ، وخرج إلى الظلم والجهل والعمى ، فقال : (هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) هل لك هو : ترغيب في الخير والهدى.
ومعنى قوله : (إِلى أَنْ تَزَكَّى) هو : الترغيب في التزكي والطهارة من قذر الدنيا ، وقبائح ما كان عليه من الكفر والردى.
ومعنى قوله : (وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ) أي : أدلك إلى ربك ، فيدخل في قلبك الخوف لسيدك.
(فَأَراهُ الْآيَةَ الْكُبْرى) أي : الدلالة العظمى ، ومعنى قوله : (فَحَشَرَ فَنادى (٢٣)) أي : جمع أصحابه ثم نادى ، (فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى (٢٤)) والفاء بمنزلة ثم ، لأنهما من حروف النسق والعطف.
ومعنى قول فرعون اللعين : (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) يريد : أنا سيدكم الشريف المرتفع في القدر والعلى ، والرب عند العرب : السيد ، قال الشاعر :