من الله نور وبيان وهداية ، وكيف يذهب منه شيء أو يضيع؟! أو يتوهم أن الله سبحانه له مضيع؟! بعد قوله تبارك وتعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَداهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١١٥) [التوبة : ١١٥]. وبعد قوله : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَشَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ) (١٣٠) [الأنعام : ١٣٠]. وبعد قوله سبحانه : (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (١٢٦) [الأنعام : ١٢٦]. فكيف يصح أن يذهب منه شيء وهو صراط الله المستقيم؟! وتبيانه لكل شيء ففيه لعباده هدى وتقويم!
وفيه ما يقول سبحانه : (إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) [الإسراء : ٩] ، فهل بقي (٢) لأحد من بعده عذر أو متلوّم؟! وكيف يصدّق مفتر على الله في ضياعه؟!! وقد أمر تبارك وتعالى عباده باتباعه ، فقال فيه : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (١٥٢) [الأنعام : ١٥٢]. وقال تبارك وتعالى فيه : (اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ) (٣) [الأعراف : ٣].
وقال سبحانه : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (١٥٥) [الأنعام : ١٥٥]. وقد قال قوم مبطلون ، عماة لا يعقلون : أن قد ذهب منه (٣) بعضه فافتروا الكذب فيه وهم لا يشعرون!! وقالوا من الافتراء على الله في ذلك بما لا يدرون.
فيا سبحان الله!! أما يسمعوا (٤) لقول الله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (٩) [الحجر : ٩]. وقوله سبحانه : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ
__________________
(١) في (د) : فيضع.
(٢) في (د) : أبقا.
(٣) سقط من (ب) و (ج) : منه.
(٤) في (ب) و (ج) و (د) : ما يسمعوا.