مَحْفُوظٍ) (٢٢) [البروج : ٢١ ـ ٢٢].
وكتاب الله فهو الذكر الحكيم ، والقرآن المكرم العظيم ، فمن أين يدخل عليه (١) مع حفظ الله له ضياع؟ أو يصح في ذلك لمن رواه عن أحد من الصالحين سماع ، مع ما كان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله من الأصحاب ، وكان عليه أكثرهم من المعرفة بالخط (٢) والكتاب ، إن هذا من الافتراء لعجب عجيب ، لا يقبله مهتد من الخلق ولا مصيب. فنعوذ بالله من الجهل والعمى ، ونسأله أن يهب لنا بكتابه علما ، ويجعله لنا في كل ظلمة مظلمة سراجا مضيا ، ومن كل غلّة (٣) معطشة شفاء وريّا ، فقد جعله ريا من الظمأ لمن كان ظمئا ، وضياء من العمى لمن كان جاهلا عميّا ، فهو البصر المضيء الذي لا يعمى ، والرّيّ الرّوي الذي لا يظمأ ، فمن روي به (٤) من الصدى بإذن الله ارتوى ، ومن أبصر ما فيه من الهدى سلم أن يضل أو يغوى ، بل (٥) هو سراج السّرج ، وحججه فأبلغ الحجج ، كما قال الله ذو الحجج البوالغ ، والحق المبين الغالب الدامغ : (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ) (١٤٩) [الأنعام : ١٤٩]. وقال سبحانه : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) (١٨) [الأنبياء : ١٨]. فمن عمي عن حججه فلن يبصر ، ومن حاجّ بغيره فلن يظفر (٦) ، ومن ضل عنه عظم ضلاله ، ومن قال بخلافه كذب مقاله ، ضياء سراجه ووحيه ساطع لائح ، وعزم أمره ونهيه رحمة من الله ونصائح.
فيه قصص الأمم والقرون ، وتفصيل الحكم كله والشئون ، يخبر عن السماء والأرض وابتدائهما ، وعن الجنة والنار وأنبائهما ، وعما فطر من الجن والإنس ، وخلق من كل بدن ونفس ، بأخبار ظاهرة جلية ، وأخر باطنة خفية ، إلّا عمّن خصّه الله
__________________
(١) سقط من (ب) و (ج) : عليه.
(٢) في (أ) و (ب) و (ج) : بالحفظ. (تصحيف).
(٣) الغلة : العطش.
(٤) سقط من (أ) : به.
(٥) في (أ) : يظهر.
(٦) سقط من (ب) و (ج) : بل.