فإن قالوا : بينوا لنا وجه الفريضة؟
قيل لهم : الوجه على مثال قياس الفرائض كلها ، يأتي الخبر من الله فيأمر نبيه عليهالسلام أن ينص رجلا بعينه من موضع معروف ، ولا يكون ذلك الموضع إلا وهم به عارفون في النسب والتقى ، ليكون موضع القنوع حتى لا يقول أحد أنا أولى. كما لم يجز لأحد أن يدعي أنا أولى بالرسالة من الموضع الذي بعث الله منه نبيه. وكذلك الإمامة في أرفع المواضع ، وهو معدن الرسالة لقطع الحجة.
والدليل على ما قلنا أن الإمامة إذا خرجت من أرفع المواضع وأقربها إلى رسول اللهصلىاللهعليهوآله ، ادعت كل فرقة من الأمة الإمامة ، ووقع الاختلاف ، وفي الاختلاف إبطال الدين.
فإن قالوا : إنك ادعيت أن الإمامة بخبر من رسول الله صلىاللهعليهوآله أن ينص رجلا بعينه ، فإذا قبض النبي انقطع الخبر عن النبي صلىاللهعليهوآله فقد تغيرت الفريضة عن جهتها؟!
قيل لهم : من (١) هاهنا غلطتم. إن الفرائض كلها على مثل ما أخبرناكم ، تنزل الآية في الشيء بعينه حتى تؤدّى تلك الفريضة (في كل زمان على مثل الخبر الذي أنزل الله في الشيء بعينه ، حتى تؤدى تلك الفريضة) (٢) على تلك الجهة وإنما عبنا على من قال بخلافنا أنهم غيروا الفريضة عن جهتها ، فجعلوها مرة نصا في رجل بعينه ، ومرة شورى ، ومرة بين ستة. وإنا قلنا نحن : لا تكون إلا على هيئة واحدة. ألا ترى أن صلاة الظهر نزلت في يوم من الأيام جمعة أو سبتا أو أحدا أو غير ذلك من الأيام مسمى باسم ، ثم هي في الأيام كلها على هيئة واحدة لا تغيّر.
وكذلك قلنا في رجل بعينه في ذلك الزمان ثم في كل زمان في رجل واحد ، ولو كانت الأسماء مختلفة والقرابة والتقى والفضل واحد ، فهذا قياس ما قلنا ، فافهموا مغاليط أهل الخلاف. وكذلك على الناس أن يؤدوا جميع الفرائض على مثل هذا القياس. وكذلك الإمامة في أبرّ الخلق وأتقاهم ، وأن يؤدوا هذه الفريضة حيث أمرهم
__________________
(١) سقط من (ب) : من.
(٢) سقط من (أ) : ما بين القوسين.