وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً) (٨٩) [النساء : ٨٨ ـ ٨٩] ، ومن المنافقين ، يومئذ لبعض (١) المؤمنين ، أب وقريب ، وجار وحبيب ، وعون وظهير ، وولي ونصير ، يوالي بعض المؤمنين في حربه ويناصره ، ويعاونه على عدوه ويظاهره.
فلما نزلت على المؤمنين يومئذ البراءة منهم ، ونهوا عن المقاعدة لهم ، وقطع الله الولاية بينهم وبينهم ، وأمروا (٢) بالاعراض عنهم ، افترقوا بالرأي فيما حكم به عليهم في المنافقين فرقتين ، وصاروا كما قال الله تبارك وتعالى فيهم طائفتين ، فطائفة تأسى على ما فاتها من نصرهم ، وما كان يدخل عليها من المرافق (٣) بهم ، في المداينة والاسلاف ، والمجاورة والائتلاف. وطائفة عريّة (٤) عنهم ، قد قطعت الآمال منهم ، والتي أسيت من المؤمنين عليهم تمنى لهم الهدى ، والطائفة الأخرى فإنما تراهم حربا وأعدا ، وكل المؤمنين وإن اختلفوا فيهم ، فقد قاموا (٥) بحكم الله في العداوة لهم عليهم ، لا يعدلون بأمر الله لهم فيهم أمرا ، ولا يتخذون منهم ـ كما قال الله عزوجل ـ وليا ولا نصيرا ، فنهاهم الله سبحانه عنهم ، وجعل من تولاهم منهم ، ومنافقا مثلهم ، بولايته لهم ، ثم أمر سبحانه بقتل الفريقين ، إذ كانا جميعا منافقين ، ومنع سبحانه من آمن به وبكتابه ، وكان قابلا لحكمه وآدابه ، أن (٦) لا يتخذوا من الفريقين وليا ولا نصيرا ، أو يستظهروا منهم عونا أو ظهيرا ، تعزيزا منه سبحانه للمؤمنين بأمره ، واكتفاء لهم من غيره بنصره.
وفي ذلك ما يقول الله سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى أهله ، (٧) (يا أَيُّهَا
__________________
(١) في (ب) و (د) : يومئذ للمؤمنين.
(٢) في (أ) و (ج) : وأمر.
(٣) المرافق : المنافع.
(٤) في (ب) : عدية (مصحفة).
(٥) سقط من (ب) : قاموا.
(٦) سقط من (ب) : أن.
(٧) في (ب) و (د) : وعلى آله الطاهرين.