النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (٦٤) [الأنفال : ٦٤] ، فجعل له (١) سبحانه فيمن اتبعه ، وكان في طاعته معه ، كفاية وعزا ، ومنعة وحرزا ، والحمد لله الذي لا يذل أولياءه ، ولا يعزّ أبدا أعداءه.
وفي الهجرة وذكرها (٢) ، وما عظّم الله من قدرها ، ما يقول سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هاجَرُوا وَجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١٨) [البقرة : ٢١٨] ، فكأنه لا يرجو رحمة الله ، إلا من هاجر لله وفي الله.
ومن الهجرة وفيها ، ومن الدلائل (٣) عليها ، قول الله سبحانه : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ) [الأحزاب : ٦]. فلم يوجب بينهم بالأرحام ولاء وإن كانوا إخوة وقرباء ، بل وإن كانوا أمهات وآباء ، إلا أن يهاجروا دار من كان لله عدوا ، ولا يتبوءوا معه في محل متبوّأ.
ومن ذلك وفيه ، ومن الدلائل عليه ، قول الله سبحانه لرسوله ، صلى الله عليه وعلى آله (٤) : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ) [الأحزاب : ٥٠] ، فلم يحل له من بنات عمه وعماته ، وبنات خاله (٥) وخالاته ، إلا من هاجر معه ما (٦) هاجر ، وزال عن دار من كفر.
مع التي ليس فيها إحالة ، (٧) ولا بعدها لمؤمن ضلالة ، من العلم بهلكة من لم يهاجر دار من أمره الله بمهاجرته ، وأقام مجاورا لمن منعه الله من مجاورته ، ممن اعتذر عند
__________________
(١) في (ب) و (د) : فجعل الله سبحانه فيمن.
(٢) في (أ) و (ج) : وذكر ما عظم (تصحيف).
(٣) في (أ) و (ج) : الدليل.
(٤) في (أ) و (ج) : وعلى أهله.
(٥) في (ب) و (د) : خاله وبنات خالاته.
(٦) في (أ) : معه من هجر. وفي (ج) : معه ما هجر.
(٧) إحالة : أمر محال.