حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللهِ وَحْدَهُ) [الممتحنة : ٤] ، وما آمن بالله ولا راقب وعيده ولا وعده ، من والى أعداءه ، وكان متبوّؤهم متبوأه ، ولا أناب إلى الله ولا أسلم له ، ولا قبل أمره وقوله : (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) (٥٥) [الزمر : ٥٤ ـ ٥٥] ، إذ من الاسلام والإنابة إليه ، المهاجرة لعدوه فيه ، كما لا يكون من (١) أتاكم ولا ورد عليكم ، من مشى بعض الطريق إليكم ، فكذلك لا يكون عند الله منيبا مسلما ، من لم يكن للإنابة والاسلام مكملا مستتمّا (٢).
ألا تسمعون لقول إبراهيم صلى الله عليه والذين آمنوا معه ، وكل من آمن به من المؤمنين واتبعه (٣) : (إِنَّا بُرَآؤُا مِنْكُمْ) ، فقدموا ذكر التبرّي منهم ، وذكر انقطاع (٤) الولاية والمجاورة بينهم ، قبل ذكرهم لأوثانهم ومعبودهم ، وما كفروا لله به فيها من شركهم وجحودهم ، فكما يجب الاعتزال للضّلال ، فكذلك (٥) يجب الاعتزال للضّلال ، وكما تجب الهجرة للكفرة والفجار ، فكذلك (٦) تحب الهجرة للفجور والكفار ، فرحم الله عبدا اعتزل الضّالين وضلالهم ، وهجر لله وفي الله الظالمين وأعمالهم ، فإنه أمر سبحانه (٧) باعتزالهم ، كما أمر باعتزال أفعالهم ، ولم يعتزلهم مهاجرا ولا مجانبا ، من كان لهم في دار ظلمهم قرينا أو مصاحبا.
فليحذر امرؤ ـ جاور من ظلم وحالّه ، وإن لم يفعل في الظلم أفعاله ـ أخذ الله له وعقابه ، وليذكر حكم الله عليه وكتابه ، فقد سمع ما أنزل الله من ذلك وفيه ، وما حكم
__________________
(١) سقط من (ب) : من.
(٢) في (ب) : مشتملا (مصحفة).
(٣) في (ب) : وتبعه.
(٤) سقط من (ب) : وذكر انقطاع. وفي (ب) : أيضا الولاية.
(٥) سقط من (أ) : فكذلك يحب الاعتزال للضّلال.
(٦) سقط من (ب) : فكذلك.
(٧) في (أ) : فإنه أمر باعتزالهم.