ونصيحا لمن ناصحه لا يغشّ ، وأنيسا لمن آنسه (١) لا يوحش ، وحبيبا لمن حابّه لا يبغض ، ومقبلا على من أقبل عليه لا يعرض ، يأمر بالبر والتقوى ، وينهى عن المنكر والأسواء ، لا يكذب أبدا حديثا ، ولا يخذل من أوليائه مستغيثا ، إن وعد وعدا أنجزه ، أو تعزّز به أحد أعزه ، (٢) لا تهن لأوليائه معه حجة ، ولا تبلى له ما بقي أبدا بهجه ، ولا يخلقه كرّ ولا ترداد ، ولا يلمّ به وهن ولا فساد ، ولا يعي به وإن لكن (٣) لسان ، ولا يشبه فرقانه فرقان ، ومن قبل ما صحب (٤) الروح الأمين ، والملائكة المقربين ، فكان لهم هاديا ومبينا ، وازدادوا به من الله يقينا.
فاتخذوه هاديا ودليلا ، واجعلوا سبيله لكم إلى الله سبيلا ، حافظوا (٥) عليه ولا ترفضوه ، واتخذوه حبيبا ولا تبغضوه ، فإنه لا يحب (٦) أبدا له مبغضا ، ولا يقبل على من كان عنه معرضا ، ولا يهدى إليه من عاداه ، ومن تعامى عنه أعماه ، ولا (٧) يبصر ضياءه إلا من تأمّله ، ولا يعطي هداه إلا أهله ، من ضل عنه أضله ، يقلّد (٨) جهله من جهله ، إن أدبر عنه أدبر ، أو أقبل عليه بصّر.
جعله الله يتلوّن في ذلك بألوان ، ويتفنن فيه على أفنان ، فهو الهادي المضل ، وهو (٩) المدبر المقبل ، وهو المسمع المصم ، وهو المهين (١٠) المكرم ، وهو المعطي المانع ، وهو القريب الشاسع ، (١١) وهو السر المكتوم ، وهو العلانية المعلوم ، فمرّة يهدي إليه (١٢) من اصطفاه ، ومرّة يضل من أبى قبول هداه ، ومرّة يقبل على من أقبل إليه ، ومرة يدبر عن من التوى في الهدى عليه ، ومرّة يسمع من استمع منه ،
__________________
(١) (ب) و (ج) و (ه) : وآنسه.
(٢) (ج) : عزه.
(٣) لكن : لا يقيم العربية لعجمة في لسانه.
(٤) ما صحب : أي صحب ، وما : مؤكدة أو محسنة ، كثيرا ما ترد في كلام الإمام.
(٥) في (ب) و (ه) : وحافظوا.
(٦) في (ج) : فإنه لا يحب إقباله مبغضا (مصحفة).
(٧) سقط من (أ) و (ج). و (د) : الواو.
(٨) في (ج) : يقدر (مصحفة).
(٩) في (ب) و (ه) : المفصل (مصفحة). وسقط من (ب) و (ه) : وهو.
(١٠) في (ب) و (ه) : والمهين المكرم.
(١١) الشاسع : البعيد.
(١٢) سقط من (ج) : إليه.