قال الوافد : وما التقوى؟
قال العالم : تحفظ (١) لسانك وعينك ويدك ورجلك وفرجك (٢) وظنون قلبك ، فلا تنظر بعينك (٣) إلى ما لا يحل لك ، فإن النظرة الواحدة تزرع في القلب الشهوة ، وهي سهم من سهام (٤) إبليس ، وتحفظ لسانك عن الكلام فيما لا يعنيك ، فإن اللسان سبع إذا أطلقته أكلك ، وهلاكك في طرف لسانك ، فلا تقل ما لا يحل لك ، ولا تمدد يدك إلى ما لا يحل لك ، فإن لم تفعل فما اتقيت الله تعالى ، وإن فعلت فقد اتقيت (٥) ، ولك في ذلك المغفرة والرحمة وذلك قوله سبحانه : (وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى) (٨٢) [طه : ٨٢].
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : القيام بما أمرك الله به ، حتى تعرف عملك ، وتضع كل شيء منه (٦) في موضعه ، وتعرف خطأه وصوابه ، ويكون ذلك العمل تابعا للعلم مطابقا له ، ويكون فيه الرغبة واليقين والإخلاص والمحبة والحياء والاستقامة ، وتعرف الرجاء ما هو ، وكيف هو ، ومن ترجو.
قال الوافد : بيّن لي ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : هو أن يكون رجاؤك الله في كل أمورك ، لدنياك وآخرتك ، ولا يكون رجاؤك للخلق (٧) أكثر من رجائك للخالق (٨) ، فتحبط عملك ، ويبطل أجرك ، فإن الله
__________________
(١) سقط من (أ) و (ب) : تحفظ.
(٢) سقط من (ب) و (ج) : ورجلك. وسقط من (أ) : وفرجك.
(٣) سقط من (أ) : بعينك.
(٤) في (ب) و (ج) : أسهم.
(٥) سقط من (أ) و (ب) و (ج) : وإن فعلت فقد اتقيت. إلا أنه أشار إليه في (ب) : بنسخة. ولعله الصواب.
(٦) سقط من (أ) : منه. وفي (ج) : منك.
(٧) في (ج) : للناس.
(٨) في (أ) : الله. وفي (ج) : لله.