تعالى يقول وقوله الحق : (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠) [الكهف : ١١٠]. فتقوم بما (١) أمرك الله به ظاهرا وباطنا ، فيصح ظاهرك وباطنك ، فإن الظاهر الجلي ، يدل على الباطن الخفي. ويكون قلبك متعلقا بذكر من ناصيتك بيده ، ورزقك عليه ، ورجاؤك له (٢) وشدتك وعافيتك وبلواك ومحياك ومماتك ودنياك وآخرتك ، وترجوه للشدة كما ترجوه للرخاء ، وترجوه للآخرة كما ترجوه للدنيا ، وتخافه كما تخاف الفقر (٣).
قال الوافد : فما وراء لك يرحمك الله؟
قال العالم : الرغبة ، تعرفها (٤) ما هي وكيف هي؟
قال الوافد : بيّنها لي يرحمك الله تعالى؟
قال العالم : إن الرغبة في التطوع بعد الوفاء بما أمرك الله به ، فإنك إذا رغبت ازددت إلى الخير خيرا ، وإن لم ترغب لم تزدد وأنت متطوع ولست براغب. وأما كيف هي : فالتضرع عند الدعاء ، فإنك إذا رغبت تضرعت ، وإذا لم ترغب كان دعاؤك بلا رغبة ، وذلك قوله عزوجل : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (٥٥) [الأعراف : ٥٥]. فمن خاف تضرع ، ورحمهالله وأجابه (٥).
قال الوافد : فما وراء ذلك يرحمك الله؟
قال العالم : وراء ذلك اليقين.
قال الوافد : وما هو اليقين؟
قال العالم : صاحب اليقين ذنبه لا يكتب ، وتوبته لا تحجب.
قال الوافد : بيّن لي ذلك؟
__________________
(١) في (ب) : فتعمل بما. وفي (ج) : فتقوم كما.
(٢) سقط من (ج) : له. وفي (أ) : عنده.
(٣) في (ج) : وتخاف ربك كما تخاف من الموت والفقر.
(٤) في (ج) : تعرف.
(٥) سقط من (أ) : وأجابه.