فينبغي لك من بعد ذلك أن تقلع عن الهوى ، (١) وتصم أذنه ، وتخرج التخاليط والآفات من أماكن مزرعها ، (٢) وتغلب هواك وتحذر النسيان والغفلة ، ووسوسة الشيطان ، وسرعة العجلة وتأخير الخير ، وتحذر التواني والعجز (٣).
واعلم يقينا أنك لا تظفر بذلك من نفسك إلا بالقهر ، وتمنعها من الرغبة والحرص والكبر ، والرياء والحسد ، والرئاسة والبخل ، وطول الأمل ، والتقلب في طلب الشهوات ، ومحبة الدنيا ، والتصنع للناس والمحمدة منهم ، وترك الغش والخيانة ، وخوف الفقر ، والطلب لما في أيدي الناس ، ولا تنس الموت ، واترك الغفلة (٤) والشح والسفالة والسفاهة.
فإذا نصرت (٥) على ذلك وأنفيته عن نفسك ، فاشكر الله كثيرا فقد شكر سعيك ، فعند ذلك تصح أعمالك ، (٦) غير أن النفس لا تصلح حتى تكدها ، وتقهرها وتجهدها ، لأنها أمّارة بالسوء والفحشاء ، (٧) وبالشر والفتنة والآفات مولعة ، (٨) وهي خزانة إبليس ، منها خرج وإليها يعود ، وهي تزين لصاحبها تسعة وتسعين بابا من أبواب الطاعات والخير ، لتظفر به في كمال المائة ، فكيف يسد السبيل العريض من لا يعرف مجراه؟! وكيف يعرف ذلك من لا يعرف عدوه ودنياه؟ وكيف يعرف عدوه ودنياه من لا يختلف إلى العلماء؟ ولا يخالط الحكماء ، ولا يجالس الصالحين.
فإذا أردت النجاة فتعلم العلم من العلماء ، وخذ الحكمة من الحكماء ، ولا تشد
__________________
(١) في (ب) : أن تقطع عين الهوى.
(٢) في (أ) : أمكنة هذا رعيها. وفي (ج) : أمكنه أهد لها عنه. مصحفة.
(٣) سقط من (أ) و (ج) : وسرعة العجلة وتأخير الخير. وفي (ب) : التواني والفخر.
(٤) في (ب) : والسعي للطلب مما في أيد المخلوقين ، ونسيان الموت والغفلة عنه.
(٥) في (ج) : ظفرت.
(٦) في (ب) : فإذا نصرت على نفي ذلك ونفيت القلب عن آفات ما ذكرت لك شكر الله سعيك على ذلك غير.
(٧) سقط من (أ) و (ب) : أمارة بالسوء والفحشاء.
(٨) في (أ) : متولعة.