الوحي لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاختلف عنده بعضه في القول والمعنى فيما اختلف منه واحد لا يختلف ، وإن كان القول به قد يتسع وينصرف ، فلما عسف فيه النظر ، ارتد عن الاسلام وكفر.
فعلم الناسخ والمنسوخ والمبدل ، عصمة لأهله فيه من الهلكة والجهل ، ونسخ الآية ـ هداكم الله ـ وتبديلها ، فقد يكون تصريفها بالإيضاح والتبيين وتنقيلها ، لتبين في عينها ، بإيضاحها وتبيينها ، لا نسخ بقصر ولا وهم ولا اختلاف ، ولا تبديل بدا ولا تعقب ولا اعتساف ، وكيف والله يقول سبحانه : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ) [الأنعام : ٣٤ ، ١١٥ ، الكهف : ٢٧] (٢). ويقول تبارك وتعالى : (لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) [الرعد / ٤١]. ويقول : (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء : ٨٢] ، فكفى بهذا فيما قلنا به هداية ودلالة وتعريفا والحمد لله وتبصيرا.
ولو كان التبديل للآية والنسخ لها هو غيرها ، لكانت إذا الآيات منسوخة مبدلة كلها ، فالنسخ للآية والابدال ، ليس هو الافناء للآية (٣) والابطال ، لأن الآية لو أفنيت وأبطلت ، إذا نسخت وبدّلت ، لما قيل : بدلت ونسخت ، ولقيل أبطلت الآية وأفنيت ، وأبدلت آية أخرى غيرها وأنشئت!! ألا ترى أن الآية لا تكون مبدلة ولا منسوخة ، إلا وعينها قائمة بعد موجودة ، لم تفن وإن بدلت ولم تبطل ، وإن بطل وفني بعض صفات المبدل ، أولا ترى أنك لو نسخت شيا ، لم يكن نسخك له مفنيا ، ولم تكن له ناسخا أبدا ، إلا بأن ترده بعينه ردا ، فإن جئت بضده وغيره ، لم تكن ناسخا له بعينه ، فالآيات كلها أمثال وأخبار ، وأمر من الله جل ثناؤه وازدجار ، وذلك كله من الله في أنه حق
__________________
ـ الرضاعة ، ففر إلى عثمان فجاء به عثمان إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يزل به حتى أمّنه.
القصة في الدر المنثور ٣ / ٣١٧ ، وأسباب النزول / ١٥٦ ، والمصابيح للشرفي ٤ / ٧٠ ، والكشاف ٢ / ٣٥ ، والمعارف لابن قتيبة / ٣٠٠ في ترجمة عبد الله.
(١) في (ب) : أيام ما كان.
(٢) في (أ) و (ب) : «لا مبدل لقوله». ولا توجد في القرآن بهذه الصيغة ، وإنما الموجود : (لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ). الأنعام / ٣٤ ، ١١٥ ، والكهف / ٢٧.
(٣) سقط من (ب) : للآية.