لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) (٢٨) [الزمر : ٢٧ ـ ٢٨]. وقال سبحانه : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (١٠٦) [البقرة : ١٠٦] ، فتبديل الآيات ونسخها وإنشاؤها فهو تفهيم من الله للسامعين وتذكير ، (١) عن غير نقض ولا تبديل ، سخط بحكم من أحكامه في التنزيل ، لأنه لا معقب ـ كما قال ـ لحكمه وفصله ، (٢) ولا مبدل لشيء من كلماته وقوله.
وفي ذلك ما يقول جل جلاله ، عن أن يتناقض في شيء من حكمه [وقوله] ، (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) [الرعد : ٣٥] ، ويقول تبارك وتعالى في أهل الكتاب : (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (١١٤) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١١٥) [الأنعام : ١١٤ ـ ١١٥]. وبما بدل من الآيات في القول لا في المغنى ولا في حكم الله المحكم [الحكيم] ، وفيما نسخ بالقول المبدل ، في كتاب الله المنزل ، تثبيتا من الله له وتصريفا ، ورحمة منه وتعريفا ، ما هلك عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، (٣) إذ لم يبن له ما قلنا به من ذلك ولم يصح ، أيام (١) كان يكتب
__________________
(١) في (أ) : وتذكر.
(٢) في (أ) و (ب) : وفضله. ولعلها مصحفة. والصواب ما أثبت.
(٣) كان قد أسلم فدعاه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم يكتب له شيئا ، فلما نزلت الآية التي في المؤمنين (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ .....). أملاها عليه فلما انتهى إلى قوله تعالى : (ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ...). عجب عبد الله في تفصيل خلق الانسان فقال : تبارك الله أحسن الخالقين. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هكذا أنزلت علي. فشك عبد الله حينئذ! وقال : لئن كان محمد صادقا لقد أوحي إلي كما أوحي إليه ، ولئن كان كاذبا لقد قلت كما قال. وارتد عن الاسلام. فنزل فيه قول الله تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) [الأنعام / ٩٣]. أي : نزل فيه (وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) عند ما قال : لقد قلت كما قال.
وقيل : كان إذا أملى عليه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (سَمِيعاً عَلِيماً) كتب (عَلِيماً حَكِيماً) ، أو (عَزِيزٌ حَكِيمٌ) كتب (غَفُورٌ رَحِيمٌ). وأنا استبعد هذه الرواية الأخيرة ، إن لم أقطع بكذبها لأنها تشكك في القرآن الكريم.
ولحق بمكة فأهدر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دمه يوم فتح مكة ، وكان أخا لعثمان من ـ