السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ) (٥٣) [الشورى : ٥٢ ـ ٥٣]. فنور كتاب الله زاهر مضيء يتلألأ ، وما جعل الله به من الحياة فحياة لا تبيد أبدا ولا تبلى.
فتبارك الله الذي نزل الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما ، بل جعله كما قال سبحانه كتابا مضيا مفصلا مكتملا : (لَكِتابٌ عَزِيزٌ (٤١) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (٤٢) [فصلت : ٤١ ـ ٤٢] ، فكان في إحكامه لآياته وتكريمه له وإجادته فوق كل محكم ومجيد ، كما قال سبحانه : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ) (٢٢) [البروج : ٢١ ـ ٢٢] ، فهو خير ما وعظ به واعظ واتعظ به موعوظ.
والحفظ في هذه الآية واللوح ، فهو الأمر المثبت اليقين المشروح ، والمجيد فقد يكون المتقن المحكم ، ويكون العزيز العظيم المكرم ، كما (١) قال الله سبحانه لرسوله،صلىاللهعليهوآله : (وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (٨٧) [الحجر : ٨٧] ، فهو كما قال الله جل ثناؤه العظيم.
وفي تكريم الله له ما يقول تبارك وتعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (٧٧) [الواقعة : ٧٧] ، وفي حكمة كتاب الله ما يقول سبحانه : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) (١) [يونس : ١] ، وفيه ما يقول جل جلاله : (وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ) (٦) [النمل : ٦].
فكتاب الله بمنّ الله بيّن يلوح ، مبين باهر مشروح ، عند من وهبه الله علمه ، وفهّمه آياته وحكمه ، لما وصل به من نوره ، وفصّل فيه من أموره ، مقدّما ومؤخّرا ، وأمرا ومزدجرا ، وناسخا ومنسوخا مبدلا ، نعمة ورحمة وفضلا ، تصريفا فيه كما قال سبحانه للآيات والأمثال ، وزيادة به في المن والنعمة والإفضال : (وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً) (٥٤) [الكهف : ٥٤] ، وقال سبحانه ضاربا ومصرفا وممثلا : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ
__________________
(١) في (ب) : وكما قال سبحانه.