وتسديده ، وكل ذلك فهدى من الله للعباد ورشد ، وكل ذلك فقد يجب به لله على عباده الشكر والحمد.
ومن ذلك قول عيسى صلى الله عليه في التنزيل ، لمن بعثه الله إليه من بني إسرائيل : (وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ) [آل عمران : ٤٦]. وقول الله سبحانه لأهل الكتاب : (النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) [الأعراف : ١٥٧].
ومن ذلك وبيانه ، قوله سبحانه : (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) [النساء : ١٥٥] ، فجعل تحريمه عليهم بعض ما حرم بعد الإحلال ، من العقاب لهم بظلمهم وعداوتهم والنكال ، فهذا ومثله ، وما كان مشبها له ، فمن زيادة فرضه تأكيدا وتثقيلا ، وعقابا به لمن ظلم من عباده وتنكيلا ، وليس في شيء من هذا كله ، ولا من تخفيف الفرض فيه ولا من تثقيله ، تناقض بحمد الله ، في حكم من أحكام الله ، ولا بداء ولا تعقيب ولا اختلاف ، عند من له بحكمه وفضله اعتراف.
ومن لم يكن بالحكمة مقرا معترفا ، لم يكن إلا عميا معتسفا ، ومن كان معتسفا عميا ، لم يكن في حقائق الأمور مهتديا ، ومن عمى وفارق الهدى ، كان للبهائم (١) مثلا وندا ، كما قال الله سبحانه : (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٤))
__________________
ـ الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض ، لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل ، فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا يدعا أصغر في ملكوت السماوات ، وأما من عمل وعلم فهذا يدعا عظيما في ملكوت السماوات.
فإني أقول لكم إنكم إن لم يزد بركم على الكتبة والفريسيين لن تدخلوا ملكوت السماوات ، قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل ، ومن قتل يكون مستوجب الحكم ، وأما أنا فأقول لكم إن كل من يغضب على أخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ، ومن قال لأخيه رقا يكون مستوجب المجمع ، ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم). إنجيل متى الإصحاح الثامن ١٣١٢. لوقا ١٣ / ٣٠٢٧.
(١) في (أ) : للباهيم.