جميعا ، وقتا للمغرب والعشاء معا ، فبيّن أوقات الصلوات لمن فرضت عليه ، بيانا لا شبهة ولا لبسة فيه.
فوقت الظهر والعصر جميعا ، لمن أراد أن يفردهما أو يجمعهما معا ، من دلوك الشمس إلى غروبها ، إلى أن يظلم أفق السماء ويظهر أحد نجومها ، لذهاب ضوء الشمس وشعاعها ، لا يعتد في ذلك كله بظهور الكواكب الدرية ولا اطلاعها ، فإنه ربما طلع أحدها والشمس ظاهرة لم تغب ، فلا يعمل من تلك الكواكب كلها على ظهور كوكب.
[و] وقت المغرب والعشاء الليل كله ، وزلف الليل فأول الليل وآخره ، كل ذلك وقت لهما جميعا ، من شاء أفردهما ومن شاء جمعهما معا.
ووقت الفجر أجمع ، حتى يظهر قرن الشمس ويطلع ، فهذه أوقات الصلوات ، وما بيّن لها من الأوقات ، لا ما قال به فيها ـ من لم ينصف ، ضعفة الرجال والنساء من كل مكلف ، ـ [و] لها (١) من عسير المقاييس ، وما في ذلك على ضعفة الرجال والنساء من عسير المشقة والتلابيس ، التي لو كلفوا عملها دون الصلاة لفرحوا ، أو مى بهم إليها وفيها لتاهوا وتطرحوا ، منها في عسر عسير ، وحيرة وضيق وحرج كبير ، فقال سبحانه رحمة منه بالمؤمنين : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ) [الحج : ٧٣]. والحرج في كل أمر من الأمور فهو الضيق ، والعسر في الأمور فهو التلبيس والأعاويق.
وزوال الشمس فهو ميلها ، إذا ما استوى ظلها ، فزالت وأنت مستقبل القبلة عن وسط السماء ، فزاد ظلها شرقا قليلا أو كثيرا على مقدار الاستواء. وغسق الليل فهو ما لا يخفى ، على مكفوف بصره أعمى ، وهو سواد الليل وظلمته ، أوّليته في ذلك سواء وآخريّته ، والفجر أوله وآخره فقد يعاين [ويرى] ، فهو بيّن لا يشك فيه ولا يمترى ، وهو ما بين إدبار النجوم ، إلى طلوع الشمس المعلوم ، وكل وقت بين هذه الأوقات ،
__________________
(١) الواو زيادة مني ، ويكون ذلك عطفا على قوله : فيها. والله أعلم بالصواب.