فأبين ما بيّن من البينات ، لا يحتاج فيه إلى مقياس ، (١) ضعيف ولا قوي من الناس ، والحمد لله في ذلك وغيره ، على تخفيفه فيه وتيسيره.
ولكل صلاة من صلاة النهار والليل وقت ، (٢) والصبح فلها الفجر كله ، قلنا وقت موقوت ، وآخر كل وقت كأوله ، وبعضه في أنه وقت ككله ، (٣) لا تفاوت بينه في رضى الله وطاعته ، ولا في ضعف أحد واستطاعته ، وكذلك بلغنا أن بعض آل محمد كان يقول : ما آخر الوقت عندي إلا كأوله. وما القول في الأوقات ـ والله أعلم ـ عندي في الأداء في الفريضة إلا مثل قوله. فأما ما ذكر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله إن كان صدق عليه فيه (إن أول الوقت رضوان الله ، وآخره عفو الله) ، (٤) فليس على ما يتوهمه من جهل ، أنه عفو عن ذنب عمل ، فكيف وكلهم يزعم أن جبريل ومحمدا صلوات الله عليهما صليا فيه ، وصارا منه ومن فعله إلى ما صارا إليه ، مع أنه لو كان ذنبا لمن فعله ، لمنع المؤمن (٥) منه أهله ، وإنما تأويل العفو منه فيما أمر الله من الوقت تخفيف الله ورحمته ، وذلك فهو أيضا رضى الله ومحبته ، وكل والحمد لله إذ فعله جبريل ورسول الله صلى الله عليهما فرشد ، لا يلام عليه ولا يذم فيه ممن فعله أحد. وهذه الأوقات فإنما هي لمن صلى وحده ، أو كانت عليه أو شغلته من الأمور والأمراض مشغله ، وأما أوقات المساجد لعمارتها ، واجتماع أهلها فيها فآخره ، فما ذكر للظهر من أن يكون ظل كل شيء مثله وما ذكر للعصر من أن يكون الظل مثليه ، وما قبلنا به من هذا فأمر الله محمود بيّن فيه ، (٦) وعلى قدر اختلاف الوقتين والفعلين ، لأن أحدهما عمارة للمساجد ، وذلك فليس كصلاة الواحد ، والفرق في ذلك فبيّن عند من أنصف ولم يحف ، ولم يعتسف ولم ينحرف.
__________________
(١) في المخطوطة : مقاييس. ولعلها تصحفت. وما أثبت اجتهاد.
(٢) لعل هنا سقطا.
(٣) في المخطوطات : كله. وما أثبت اجتهاد.
(٤) أخرجه الترمذي برقم (١٥٧). وانفرد به.
(٥) في المخطوطات : المؤمنين. ولعل الصواب ما أثبت.
(٦) لعل هنا سقطا. فالعبارة غير واضحة المعنى.