لما (١) لم يكونوا يقصرون ، فإذا أمنوا أتموا مع الإمام ركعتين ركعتين كما كانوا يتمون. وفي ذلك ما يقول سبحانه : (فَإِذا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللهَ كَما عَلَّمَكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (٢٣٩) [البقرة : ٢٣٩]. يقول سبحانه أتموا مع رسولكم إذا أمنتم ولا تقصروا ، فالاتمام بالإمام هو ما به أمروا ، فكانت صلاتهم الظهر والعصر ركعتين كما ترى في السفر ، وكان الأمر على ما قلنا في الإمامة من القصر ، وأقرت الصلاة على ركعتين في السفر ، وزيد عليها فأتمت أربعا (٢) في الحضر ، فليس لفاجر ولا بر ، سافر في خير أو شر ، (٣) أن يزيد على صلاته في سفره ، ولا ينقص منها في حضره ، ومن زاد على [ما] فرض عليه من الصلاة في السفر فعليه أن يعود لصلاته ، كما لو زاد على صلاة الحضر لفسدت عليه الصلاة فأعادها لزيادته.
فالتقصير إنما هو كما قلنا مع الإمام ، ركعتان في السفر فهما أتم التمام ، وكذلك كان فرضهما في كل سفر وحضر ، ثم لم يكن التقصير فيها إلا بما قلنا من القصر ، وليس يجوز أن يقال : قصرت الصلاة إلا على ما قلنا ، ولا وجه للتقصير فيها إلا من طريق ما تأولنا ، وإنما يقال في الصلاة زيد عليها ، ولا يقال بشيء من التقصير فيها ، لأنه إذا قيل فيها قصرت الصلاة إلا بما ذكرنا ، كان كأنه خلاف لما في كتابه مما أمرنا ، من الركعتين اللتين كانتا في الحضر والسفر ، صليتا لله فرضا فزيد في صلاة الحضر وأقرّت صلاة السفر ، (٤) وكان ذلك كله لله رضى فيما نقص من ذلك كله أو زاد ، لزم فيه كله أن يعاد.
والقنوت فما روي عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أنه قال : القنوت ثلاث
__________________
(١) في المخطوط : ما لم. ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في المخطوطتين : أربع.
(٣) في المخطوطتين : وشر. ولعل الصواب ما أثبت.
(٤) عن عائشة قالت : إن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت في السفر وأتمت في الحضر. أخرجه البخاري برقم (٣٣٧) ، ومسلم (١١٠٥) ، والنسائي (٤٤٩) ، وأبو داود (١٠١٣) ، وأحمد (٢٤٧٧٦) ، ومالك (٣٠٤) ، والدارمي (١٤٧٠).