(وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ) [الدخان : ١] فقال : يقول اختبرنا وعذبنا ، لأن الفتنة اختبار ومحنة ، وتعذيب وعقوبة.
وقوله سبحانه : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ) [الفتح: ١٨] فقال : خبر عن رضى الله عمن بايع تحت الشجرة إنما هو لقد رضي الله عمن آمن بالله ، ألا ترى كيف يقول رب العالمين : (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) فذكر أن رضاه تبارك اسمه إنما هو عمن آمن ممن بايعه ، وشايعه في البيعة وطاوعه.
وقوله : (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ) [الحج : ٢٩] فقال : التفث لهو الشعث ، وشعثه: امتناعه (١) مما يمنع منه المحرم من الطيب وغيره ، وما يلزمه ما كان محرما في إحرامه ، حتى يطوف بالبيت العتيق كما أمره الله بالطواف.
[وقال] القاسم بن إبراهيم عليهالسلام : أحسن الله رشدك وتوفيقك ، وقوّم لقصد الحق طريقك ، وبلغك صالح الأمل برحمته ، وأتم عليك وفيك ما وهب من نعمته ، قد فهمت ـ استمتع (٢) الله بك ـ ما وصفت ، وتعرفت من مذاهبك بما تعرفت ، فقرّب الله قربك ، ووصل ـ بحقه ـ سببك ، فبمثلك ـ بمنّ الله ـ يتوصل إلينا ، فكيف تطلب لنفسك الأذن علينا.
٧٨ ـ وسألت : سددنا الله وإياك للرشد والاهتداء ، عن المخادعة من الله والمكر والاستهزاء؟
فأما المخادعة وفقك الله ، فليس يجوز القول بها على الله ، ولا ينسب شيء منها كلها إلى الله ، ولا تحتملها في الله الألباب ، ولم ينزل بها من كتب الله كتاب ، لأن المخادعة إنما هي حيل من المحتال ، فيما يخادع به من كذب في فعل أو مقال ، ولعجز المخادع عن كثير مما يريد ، كاد فيه بالمخادعة من يكيد ، والله جل ثناؤه متعال ، عن كل مخادعة واحتيال ، لا يجوز شيء من ذلك عليه ، ولا يصح القول بشيء منه فيه ،
__________________
(١) في المخطوط : لعو. لعلها مصحفة. وفي المخطوط : وشعثه وامتناعه. ولعل الوائد زائد ، لأنه فسر الشعث بالامتناع.
(٢) استمتع الله بك : يعني أسأله أن يمتعني ببقائك وقربك ، ولعلّ السائل ولده محمد.