٧٩ ـ وسألت : يرحمك الله عن : (يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ) [البقرة : ١٠٢] وعن السحر؟
والسحر أمر لا يكون ولا يؤاتي أهله ، إلا بعظيم من الكفر والأئمة فيه والمعلمون له ، فهم الشياطين ، الكفرة الظالمون ، ولذلك يقول منهم من علّمه ، من (١) يريد أن يتعلمه ، لا تكفر ليكفر (٢) إذا كفر بإقدام وتصميم بعد النهي بالتوقيف ، والإبانة للكفر والسحر والتعريف ، فكفر أهله بعد المعرفة بالتصميم ككفر إبليس فيما صمم من الكفر بالسحر.
وقوله : (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ) [البقرة : ١٠٢] فقد يكون نفيا (٣) لا أن يكون السحر أنزل عليهما ، وإكذابا لمن نسب السحر من اليهود إليهما ، (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ) فقد يكون في النفي للسحر عنهما في النفيان ، كقوله سبحانه في النفي : (وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ) [البقرة : ١٠٢] ، و (هارُوتَ وَمارُوتَ) [البقرة : ١٠٢] فقد يقال اسمان نبيطان ، معروف ذلك فيما يستنبط من اللسان ، لأن ماروت القرية : في لسان النبط ، هو القرية وواليها ، وهاروت (٤) القرية فيما نرى هو : مستخرجها(٥) وجانبها ، ولو كان من يعلم السحر (٦) لكان من الملائكة إذا من قد كفر ، ولما صح قوله سبحانه فيهم : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢٨) [الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٨] ، وقوله سبحانه : (لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ) [النساء : ١٧٢] ،
__________________
(١) من الأولى : فاعل. ومن الثانية : مفعول به.
(٢) في المخطوط : ليفكر. لعلها مصحفة ، والصحيح ما أثبت.
(٣) يعني أن (ما) نافية لا موصولة. ويشهد لهذا ما أخرج ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى (وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ) قال : لم ينزل الله السحر. الدر المنثور ١ / ٢٣٦.
(٤) قال في لسان العرب وهاروت : اسم ملك أو ملك.
(٥) الكلمة في المخطوط : مهملة ، ولم أهتد لها إلى معنى.
(٦) يعني لو كان ماروت ملكا أنزل عليه السحر ....