وقربتهم هي : منزلتهم عند الله في الزلفى والمكان ، وبراءتهم كلهم عند الله من العصيان ، ولو كان منهم صلى الله عليهم من عصى بكفر أو غيره ، لذكره الله بعصيانه كما ذكر إبليس في تنزيله ، أما تراه كيف نحّاه لمعصيته عنهم ، ولم يجعله ـ إذ عصى ـ منهم ، فقال فيهم : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) [الكهف : ٥٠] (١) ، وذريته فإنما هم أمثاله وقبيله ، وفي إبليس وقبيله ، ما يقول الله سبحانه في تنزيله : (إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ) [الأعراف : ٢٧].
٨٠ ـ وسألت : عمن يسكن في الهواء بين الملائكة والإنس؟
والجن والإنس فهما كما قال الله الثقلان ، فالملائكة صلوات الله عليهم سماويون ، والإنس كلهم جميعا أرضيون ، والجن بين السماء والأرض هوائيون.
٨١ ـ وسألت : عن آية القصاص هل يقتل فيها الحر بالعبد ، وهل تجب الدية في شيء من العبد؟
وقد فصل الله فيما سألت عنه في ذلك من أمره ، بقوله وعند ذكره : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى) [البقرة : ١٧٨] ، فجعلهم في القصاص أصنافا مختلفة شتى ، وعلى ما ذكر الله من اختلافهم وشتاتهم ، اختلفوا باجتماع في دياتهم ، فدية العبد على قدر قيمته ، والمرأة مخالفة للرجل في ديته ، وهذا كله مجتمع عليه ، لا أعلم أحدا يقول بخلاف فيه.
واختلافهم ـ رحمك الله ـ في الديات ، دليل على اختلافهم في القود (٢) والجراحات ، وما اختلف من ذلك فيه فليس بواحد ، والخلاف فبيّن بين الحر والعبد ، ولا يحكم في المختلف بالاستواء ، [إلا] من لا علم له بالحكم في الأشياء ، ولا قود ولا قصاص بين حر وعبد ، وليس أمرهما في كثير من الدين بواحد ، حد العبد في الزنا
__________________
(١) كانت الآية في المخطوط هكذا (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ ....) وليست الآية كذلك. بل هما آيتان مختلفتان.
(٢) القود : القصاص.