٩٣ ـ وسألت : عن قوله : (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) [البقرة: ٢٨٢] ، هل ذلك فرض عليهم لا يسعهم أن يتركوه؟
فنعم هو فرض عليهم فيمن لم يأمنوا ، وليس بفرض عليهم فيمن أمنوا ، فاجرا كان المؤتمن أو برا ، أو موسرا كان الغريم أو معسرا.
٩٤ ـ وسألت : عن قول الله سبحانه : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ) (١٧٨) [آل عمران : ١٧٨]؟
وقد نهاهم جل جلاله عنه ، فالإملاء منه الإبقاء منه ، وتأخير العذاب والنقم ، فيما ارتكبوا من الجرم ، .... (١) كله وعنه وبما تولى الله منه (٢) ، أتوا من الإثم والإساءة ما أتوا ، وعصوا الله بما عصوا ، فاعلم أن الإملاء نعمة من الله وإحسان ، وازدياد الإثم منهم فإساءة وعصيان ، فمن الله سبحانه الإملاء ، ومنهم الاعتداء ، وتأخيره سبحانه لإنزال العذاب بهم ، إنما هو ليزدادوا إثما بكسبهم ، ليس لما يحبون من سرورهم ، ولا لما يريدون من أمورهم ، ولكن ليزدادوا بالبقاء والإملاء إثما ، ولأنفسهم بما تركوا من البر ظلما ، وإن كان ما تركوا من الهدى ـ وإن لم يفعلوه ـ ممكنا ، كان ما تركوا من الهدى في نفسه حسنا ، ولهم لو صاروا إليه ـ ولن يصيروا ـ منجيا ، وكان كلهم لو أتاه بإتيانه له مهتديا ، فالإملاء والإبقاء هو من فعل الله بهم ، وازدياد الإثم فهو من كسبهم هم وفعلهم ، وما يمكن من الإملاء من الأمور ، فسواء في المكنة من البر والفجور ، فلما آثروا هواهم ، على ما يمكنهم من هداهم ، جاز أن يقال : أملوا ليزدادوا برا وهدى.
ومثل : (لِيَزْدادُوا إِثْماً) [آل عمران : ١٧٨] ، هو قول الله تبارك وتعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (٥٦) [الذاريات : ٥٦] ، وهم وإن خلقهم الله ليعبدوه ، فيحملون (٣) لغير العبادة إن أرادوه ، والعبادة لله وخلافها إنما هو فعل منهم ،
__________________
(١) بياض في المخطوط.
(٢) في المخطوط : عنه. ولعل الصواب ما أثبت.
(٣) كذا في المخطوط.