فالله خلقكم وحجارة الأصنام التي كانوا يعبدون ، وكما قال صلى الله عليه : (قالَ أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ) (٩٥) [الصافات : ٩٥] ، وسواء قوله : (ما تَنْحِتُونَ) وقوله : (وَما تَعْمَلُونَ).
١١٨ ـ وسألته عن : (فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ) [إبراهيم : ٩]؟
فهو عضهم على الأيدي بأسنانهم ، وهو شيء يفعله المغتاظ ، إذا غضب أو اغتاظ ، ويفعله أيضا المتحير المتفكر ، إذا التبس عليه ما يفكر فيه وينظر.
١١٩ ـ وسألته : عن قول الله سبحانه : (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً) (٧٢) [الفرقان : ٧٢]؟
فالشهادة هي الحضور ، والزور من الأشياء فهو البور (١) ، وهو الباطل والكذب ، واللغو فهو الغفلة واللغب ، فذلك كله وما كان منه فلا يشهدونه ، وإذا مروا به أعرضوا عنه(٢).
١٢٠ ـ وسألته : عن قول الله : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) [هود : ١١٨ ـ ١١٩]؟
فذلك فلن يزالوا كما قال الله سبحانه مختلفين ، لأن الاختلاف لا يزال أبدا بين المحقين والمبطلين ، وهو خبر من الله عما يكون ، وأنهم لن يزالوا مختلفين فيما يستأنفون ، فالاختلاف منهم وفيهم ، ولذلك نسبه الله إليهم ، وقوله : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) يريد من المؤمنين ، فإنهم في دينهم متآلفون غير مختلفين. وقوله تبارك وتعالى : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) [هود : ١١٩] يقول سبحانه للمكنة ، مما يجب به الثواب والعقاب من السيئة والحسنة ، ولو لا خلقه لهم كذلك ، وعلى ما فطرهم عليه من ذلك ، لما اختلفوا في شيء ، ولما نزل عليهم أمر ولا نهي ، ولا كان فيهم مسيء ولا محسن ، ولا منهم كافر ولا مؤمن ، ولكانوا كالموات الذي لا يحسن ولا يسيء ، ولا يفجر عند الله ولا يتقي.
١٢١ ـ وسألته عن : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي) [النحل : ٦٨]؟
__________________
(١) البور : الرجل الفاسد الهالك الذي لا خير فيه. مختار الصحاح.
(٢) في المخطوط : أعرضوا. وما زدته ضرورة لاتساق الكلام.