بعد الإسلام ، وفيما ذكرنا في ذلك من البيان ، ما يقول سبحانه : (الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ...) [النور : ٣] الآية ، وإذا كان ذلك فاسدا منفسخا محرما ، كان عقده منفسخا محرما ، وقد ذكر أن عليا صلوات الله عليه حد رجلا زنا من أهل القبلة ، وفرّق (١) ـ لما حدّ ـ بينه وبين زوجة له مؤمنة ، وفرّق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله بين المتلاعنين ، ولم يصح زنا الزوجة ببينة ولا يقين ، وجرى ذلك في اللعان سنة ، فكيف إذا كانت زوجية أحدهما منتفية.
٢٨٨ ـ وسئل : عن رجل أوصى بوصية موقوفة على مسكنة أهل بيته ، ثم إن الله تبارك وتعالى أفاء عليهم واستغنوا؟
فقال : إذا استغنوا ردت في سبيل الخير ، مثل مواساة أولي الحاجة ، وذوي القربى ، إن احتاج منهم أحد بعد ذلك ، وبني السبيل من أهل الديانة.
٢٨٩ ـ وسئل : عن أكل ما لم يجر تحريمه في تنزيل من كتاب الله عزوجل من الطير والسباع؟
فقال : لا يؤكل من ذلك إلا ما أحلّه عزوجل ، وبيّنه في تنزيله في بهيمة الأنعام ، والأغنام وغير الأغنام ، وصيد البر والبحر ، وما خصه الله من ذلك ومثّله بالذكر.
٢٩٠ ـ وسألته : عن أكل الثمار إذا مرّ بها من غير أن يحمل؟
فقال : لا بأس إذا كان محتاجا إليه ، وليس له أن يفسد ولا يتلف فيه تلفا.
٢٩١ ـ [قال محمد بن القاسم] سألت أبي رحمة الله عليه ورضوانه ، عن قول الله سبحانه : (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (٢) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً) (٣) [الصافات: ١ ـ ٣]؟
فقال : الصافات صفا ـ فيما أرى والله أعلم ـ أنها الملائكة التي وصف الله بذكره وهي واقفة وقفا. (فَالزَّاجِراتِ) هن الذاكرات التي يعلنّ بالذكر ، ويزجرن فيه بالزجر ، والزجر : فهو الرفع للصوت والإعلان فيه بالرجات ، لأن الصوت الشديد ربما
__________________
(١) في المخطوط : وقذف. ولعل الصواب ما أثبت ، لأنه في سياق الحديث عن ما يوجب التفريق بين الزوجين من غير طلاق. وما بعده من تفريق الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يشهد لذلك.