قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ)(١) بتقريب : ان المتشابه هو ما يحتمل فيه وجهان ، أو وجوه يشبه بعضها بعضا في احتمال إرادته من اللفظ ، فهو مقابل الصريح الّذي لا يحتمل فيه الخلاف ، فيعم الظواهر ، ولا أقل من احتماله ، فيكون مجملا ، ويسري إجماله إلى جميع الآيات لكونه من قبيل القرينة المتصلة ، فعلى التقديرين لا يصح التمسك بظواهر القرآن بعد ذلك.
ثانيهما : الروايات الكثيرة الواردة في المنع عن تفسير القرآن ، وقد عدها في الوسائل (٢) إلى مائتين وخمسين حديثا.
هذه جميع الوجوه التي استدل بها للأخباريين المانعين عن العمل بالكتاب. ولا يعبأ بشيء منها.
اما دعوى كونه من قبيل الرموز ، فهي منافية لكونه معجزة خالدة ، يرشد الخلق إلى نهج الحق ، ويستضيئوا بمعارفه وعظته وأمثاله من غير اختصاص لذلك بزمان دون زمان ، وانما هو هاد للأجيال المتعاقبة ، فلو لم يكن له ظهور يعرفه أهل اللسان لاختل إعجازه. نعم يختلف فهم الناظرين منه لاختلاف إدراكهم ، على انه ورد الأمر من الأئمة عليهمالسلام بالرجوع إلى الكتاب عند اختلاف الأحاديث وتعارضها بل مطلقا ، فلو كان من قبيل الرموز لما كان معنى للإرجاع إليه.
واما دعوى اشتماله على المطالب العالية فهي وان كانت صحيحة ، إلّا ان بيانه غير مخل بالمقصود ، لا من جهة الإيجاز ، ولا من ناحية الإغلاق ، بل هو متناسب مع أذواق أهل العصور ، فعلوّ مطالبه ودقة معانيه وبعد مرماه لا ينقص من ظهور ألفاظه شيئا ، فيعرفه العارف باللغة. واما الباطن فلا يقف عليه إلّا الراسخون في العلم ، وعلى ذلك يحمل ما ورد من اختصاص فهم القرآن بأهل البيت سلام الله عليهم.
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ١٣ من أبواب صفات القاضي.