وأما العلم الإجمالي بإرادة خلاف الظاهر ، فهو انما يوجب الفحص ، لا سقوط الظواهر عن الحجية بالكلية ، وإلّا لم يجز العمل بالروايات أيضا لوجود العلم الإجمالي فيها كما في القرآن.
واما دعوى التحريف ، فأولا : نمنع وقوعه ، ولم يقل به إلّا بعض العامة ، وتبعه نفر من الخاصة ، فان القرآن بلغ من الأهمية عند المسلمين في زمان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم حتى حفظته الصدور مضافا إلى الكتابة ، ولم يكن أمرا خفيا عن الناس ليمكن تحريفه حتى عن الصدور الحافظة له كلا أو بعضا. اما ما نقل من الأخبار على تحريف القرآن فالمراد منها على فرض صحتها التحريف من حيث التقديم والتأخير ، أو التأويل ، أو غير ذلك كما بيناه في مقدمة التفسير.
وثانيا : ان التحريف ولو سلم وقوعه إلّا ان الروايات الآمرة بالرجوع إلى الكتاب بما انها واردة عن الصادقين عليهماالسلام بعد التحريف ، فيعلم من ذلك ان التحريف على فرض وقوعه فهو غير مخل بظهور ما بقي.
واما دعوى وجود روايات ناهية عن تفسير القرآن بالرأي فهي معارضة بروايات متواترة واردة في أبواب مختلفة ، دلت على الرجوع إلى الكتاب ، وطرح ما خالفه ، واستشهاد الأئمة عليهمالسلام بظواهره ، فلا بد حينئذ من حمل الأخبار الناهية اما على الاستقلال في الاستفادة من الكتاب ، كما كان دأب العامة ، وقد قال الرّجل : حسبنا كتاب الله ، ويشهد لهذا المعنى بعض الأخبار ، وأما على تأويله بما يطابق القياس بالاستحسانات. هذا مضافا إلى ان التفسير في حد نفسه لا يعم الترجمة ، لأنه بمعنى كشف القناع ، لا بيان المعنى الظاهر الّذي لا خفاء فيه والعمل على طبقه.
واما ورود المنع عن اتباع المتشابه في الكتاب ، فهو أجنبي عن محل الكلام ، لأن المتشابه هو اللفظ المحتمل لمعنيين في عرض واحد بحيث يكون كل منهما عدلا للآخر ، وأين ذلك من اللفظ البارز في معناه ، على انا لو سلمنا إجمال المتشابه