الشهرة ، أو من فتوى الفقيه ، أو من غير ذلك. ولكن المبنى غير تام ، إذ يحتمل أن يكون ملاك حجية الخبر أغلبية مطابقته للواقع ، والشهرة في الفتوى لم يحرز كونها كذلك ، فان الفتوى اخبار عن الحدس ، فلا يقاس بالخبر الّذي هو حكاية عن الحس ، على انا نحتمل دخل خصوصية أخرى في ملاك حجية الخبر زائدة على أغلبية المطابقة.
الوجه الثالث : التعليل في ذيل آية النبأ ، وهو قوله سبحانه (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١) فتعليل وجوب التبين بإصابة القوم بجهالة أي بسفاهة يدل على عدم لزوم التبين في كل مورد لا يكون العمل سفاهة ، فان العلة كما تكون مخصصة تكون معممة أيضا ، وليس الأخذ بالشهرة من السفاهة.
وفيه : ان التعليل لا يقتضي نفي الحكم عن غير مورده مما لا توجد فيه تلك العلة ، إذ ليس لها مفهوم ، فانه فرع انحصار العلة ، ولا يستفاد من التعليل ذلك ، وهذا لا ربط له بتعميم العلة وتخصيصها كما هو ظاهر ، وقد ورد في الحديث «انّ الله عزوجل لم يحرم الخمر لاسمها ، ولكن حرمها لعاقبتها ...» (٢) فمن عموم العلة فيه يستفاد حرمة كل مسكر ولو لم يكن خمرا ، ولكن لا يدل ذلك على حلية كل ما ليس بمسكر ولو من النجاسات وغيرها. نعم حيث أمرنا في الآية المباركة بالتبين عند إرادة العمل بنبإ الفاسق فإذا حصل التبين ولو كان بالاستعلام من أهل الفن ، وانكشاف استنادهم إليها يتبين صحة الرواية ، فلا يبعد استكشاف حجية الشهرة في الاستناد عن الآية الشريفة.
__________________
(١) الحجرات : ٦.
(٢) وسائل الشيعة : ١٧ ـ باب ١٩ من أبواب الأشربة المحرمة.