يكون في حقه فعليا بل ولا في حق غيره ، كما لو التفت إلى بعض أحكام الحج قبل الموسم ، أو التفت إلى الأحكام المختصة بالنساء كأحكام الحيض ، أو التفت إلى حكم لا يصير فعليا إلى الأبد كبعض فروع العلم الإجمالي ، فوظيفة المجتهد حينئذ تكون كوظيفة الإمامعليهالسلام وهي بيان الحكم المجعول ، غاية الأمر انّ الإمام عليهالسلام يخبر عن الواقع والمجتهد عن مؤدى الطريق.
وبالجملة في هذا الفرض لا يتم ما ذكره في الكفاية (١) من انه لا بدّ وان يراد من الحكم خصوص الفعلي إذ لا أثر للإنشائي ، نعم انما يتم ذلك فيما إذا التفت إلى الحكم المتعلق بنفسه. وكيف كان فلو حصل له القطع بالحكم أو الظن به من طريق معتبر يفتي به ، وإلّا فلا بدّ له من الرجوع إلى الأصول العملية ، وهذا المقام من المشكلات من حيث انّ الأصول العملية جريانها بالقياس إلى كل أحد فرع حصول الشك له ، مثلا الرجوع إلى الاستصحاب فرع أن يكون نفس ذاك المكلف متيقنا سابقا وشاكا لاحقا في الحكم الفعلي عليه ، فكيف يفتي المجتهد بمؤدى الأصول في فرع لا يكون له مساس به ولا يكون فعليا عليه مع انّ المقلد الّذي يريد أن يعمل ليس له يقين سابق ولا شك لاحق بل لم يلتفت إلى الحكم بعد أصلا ، ولذا التجأ الشيخ رحمهالله إلى نيابة المجتهد عن المقلد ولكن لا بدّ وان يسأل قدسسره عن الدليل على هذه النيابة.
وحاصل الكلام في المقام انّ المكلف إذا التفت إلى حكم نفسه فان حصل له القطع يكون منجزا ، وإلّا فان كان عنده طريق معتبر فيعمل على طبقه ، وان لم يكن هذا ولا ذاك فينتهي إلى الأصول العملية ، وفي هذا الفرض لا فرق بين المجتهد والمقلد إلّا في خصوص البراءة ، فانّ المقلد لا يكون متمكنا من إحراز شرط إجرائها وهو الفحص ، وإلّا فالأصول تجري في حق المقلد كما تجري في حق المجتهد.
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٥.