واما إذا التفت إلى حكم غيره ، أعني الحكم الكلي المجعول بنحو القضية الحقيقية ويختص ذلك بالمجتهد ، فان حصل له القطع يكون أثره جواز الإفتاء بما قطع به لا تنجز متعلقه عليه ، إذ لا يكون متعلقا بحكم نفسه ، وإلّا فان كان له طريق معتبر عنده فيفتي على طبقه ويكون قيام الطريق مجوزا لإفتائه ، فانه لا فرق بين قيام طريق معتبر على حكم وبين تعلق القطع به إلّا في أنّ الثاني قطع وجداني والأول قطع تعبدي. وان لم يكن هذا ولا ذاك وبقي شاكا ، فان كان شكه موردا للاستصحاب بأن كان مسبوقا باليقين فهو ينقسم إلى قسمين : لأنّ الشك في الحكم بعد كونه متيقنا تارة : يكون من جهة احتمال النسخ ، وأخرى : يكون من جهة الشك في سعة المفهوم وضيقه ، كالشك في حرمة العصير الزبيبي بسبب الشك في شمول دليل حرمة العصير العنبي للزبيبي أو يكون لغير ذلك.
أما في الأول فللمجتهد أن يجري الاستصحاب في يقينه وشكه ، فانه كان متيقنا بالحكم السابق المجعول ويشك في ارتفاعه بالنسخ ، فيفتي ببقائه بحكم الاستصحاب ، ولا مجال في هذا الفرض لإجراء الاستصحاب بلحاظ حال المقلد ، إذ ليس له يقين ولا شك.
واما في الثاني مثل ما لو شك في طهارة الماء القليل المتنجس المتمم كرا ونجاسته ، فيمكن إلحاقه بالقسم الأول ، بأن يجري المجتهد فيه الاستصحاب بلحاظ يقينه وشكه في الحكم الكلي كما في القسم الأول بعينه ، ويمكن أن يجري الاستصحاب بلحاظ حال المقلد ويقينه وشكه ، فانّ المقلد على الفرض كان عالما بنجاسة هذا الماء ويشك في طهارته بعد إتمامه كرا ، لأنه مقلد لهذا المجتهد الّذي هو شاك في ذلك ، فيجري الاستصحاب في حقه ويفتي له بمؤداه ، وهكذا فيما إذا شك في ثبوت بعض أقسام الخيار ونفوذ الفسخ إلى غير ذلك وأمثلته كثيرة في الفقه ، وامّا ان كان موردا للاحتياط كما في الشبهة قبل الفحص مثلا ، أو كان موردا للتخيير فالأمر واضح ، إذ