بتلك الاخبار. واما على مسلك الشيخ رحمهالله ومن تبعه من لزوم رعاية العلم الإجمالي في غير المقدار المضطر إليه ، فلا بد من الاحتياط ، ورعاية التكاليف الثابتة في غير موارد تلك الاخبار ، فان أمكن وإلّا فلا مناص من التنزل إلى الامتثال الظني.
واما المقدمة الثالثة : أعني بها عدم وجوب الاحتياط التام ، وبطلان الرجوع إلى التقليد أو إلى القرعة ونحوها ، وعدم جواز الرجوع إلى الأصل العملي الجاري في كل مورد من موارد الشبهات ، فتفصيل الكلام فيها : ان بطلان التقليد واضح ، بعد ما يرى القائل بالانسداد خطأ القائل بانفتاح باب العلم ، ويعتقد فساد مدركه ، فان الرجوع إليه حينئذ يكون في نظره من رجوع العالم إلى الجاهل. وكذا الرجوع إلى القرعة ونحوها ، فانها ليست من الطرق المقررة لاستنباط الأحكام بالضرورة.
واما الاحتياط في جميع الشبهات ، فان كان مخلا بالنظام فلا خلاف في قبحه عقلا ، وعدم وجوبه شرعا ، بل وعدم مشروعيته ، لأدائه إلى ترك جملة من الواجبات في كثير من الموارد. واما ان كان موجبا للعسر والحرج ، ففي نفي لزومه بها خلاف ، فظاهر الكفاية (١) هو العدم ، لمنعه حكومة قاعدة نفي الضرر والحرج على قاعدة الاحتياط ، بدعوى : ان ظاهر الآية وقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا ضرر ولا ضرار» (٢) ونحو ذلك انما هو نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، وهذا هو محل الخلاف بينه وبين شيخنا الأنصاري قدسسره فانه بنى على ان مفادها نفي الحكم الّذي ينشأ من قبله الضرر أو العسر أو الحرج ابتداء (٣) فمعنى قوله عليهالسلام «لا ضرر» ان الحكم الّذي ينشأ منه الضرر غير مجعول ، والمحقق الخراسانيّ رحمهالله ذهب إلى ان الحكم لا يكون ضرريا ولا حرجيا ولا عسرا وانما هي في الأفعال الخارجية ، فالنفي بحسب ظاهر الأدلة يكون
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ١١٨ ـ ١٢٠.
(٢) وسائل الشيعة : ١٧ ـ باب ٧ من أبواب إحياء الموات ، ح ٢.
(٣) فرائد الأصول : ٢ ـ ٥٣٤ ـ ٥٣٥ (ط. جامعة المدرسين).