هو مبغوض المولى ، وجهة المصادفة وعدمها قد عرفت انها خارجة عن اختيار المكلف وقدرته ولم يكن في حيز الطلب ، وهذا غاية ما يمكن من توضيح المقدمات.
ونقول : في المقدمة الثالثة نقضا وحلّا.
اما نقضا ، فبالواجبات فانه إذا فرضنا ان متعلق التكليف هو الاختيار ففي قوله : «صلّ في الوقت» مثلا يكون الواجب اختيار ما قطع بكونه صلاة في الوقت ، فإذا صلى باعتقاد دخول الوقت فبان خلافه لا بد وان يلتزم بسقوط التكليف لحصول المأمور به وهو اختيار الصلاة في الوقت. وبعبارة أخرى : نسأل هذا المستدل ونقول : ان التجرّي هل يختص بالمحرّمات أو يجري في الواجبات أيضا؟ مثلا لو أفطر في يوم باعتقاد أنه من شهر رمضان ولم يكن منه في الواقع ، هل يكون متجريا بذلك أم لا؟ من الواضح انه متجر وعاص ، ولازم كونه متجريا أن يكون الواجب اختيار صوم ما قطع بكونه من رمضان ليكون تركه عصيانا ، ولازم ذلك هو الالتزام بالاجزاء في امتثال الحكم العقلي أيضا ، ولم نر أحدا من الفقهاء التزم بذلك. نعم الاجزاء في امتثال الأوامر الظاهرية مورد خلاف بينهم ، واما مورد القطع بالحكم خطأ فالظاهر انه لا خلاف بينهم في عدم الاجزاء.
واما حلّا : فالأحكام الشرعية إنما تكون تابعة للمصالح والمفاسد ، وظاهر الأدلة انّ المصلحة والمفسدة في نفس العمل ، ولازم ذلك أن يكون البعث نحو نفس العمل والزجر عن نفسه دون اختياره سواء كان اختياريا أو غير اختياري ، غاية الأمر حيث ان العقل يحكم بقبح تكليف العاجز أو أن نفس التحريك يقتضي قدرة المكلف على التحرك منه فلا محالة يخصص العقل تكاليف المولى بصورة القدرة ، هذا على مسلك القوم القائلين باعتبار القدرة في التكليف الفعلي ، واما على مسلكنا من عدم اعتبارها فيه وانّ القدرة مأخوذة في حكم العقل بالامتثال فالامر أوضح.