«الأمور ثلاثة : امر تبين لك رشده فاتبعه ، وأمر تبين غيه فاجتنبه ، وأمر اختلف فيه فرده إلى الله» (١) إلى غير ذلك. والظاهر عدم دلالة شيء منها على وجوب الاحتياط.
اما اخبار التوقف فلوجهين :
الأول : ان الموضوع فيها عنوان الشبهة ، وهي ظاهرة فيما يكون الأمر فيه ملتبسا بقول مطلق ظاهرا وواقعا ، وكان ذا وجهين ، فلا يعم ما إذا علم فيه الإباحة الظاهرية الشرعية ، فان الحكم الواقعي في مورده وان كان مشكوكا فيه إلّا ان أدلة ترخيص الشارع في ارتكابه يخرجه عن عنوان المشتبه ، ويدرجه في معلوم الحلية.
ومما يدل على ما ذكرناه من اختصاص الشبهة بغير ما علم فيه الترخيص ظاهرا ، انه لا إشكال في عدم وجوب التوقف في موارد الشبهات الموضوعية أو الحكمية الوجوبية بعد الفحص ، فلو لا ان العلم بثبوت الترخيص فيها أخرجها عن عنوان الشبهة لزم الالتزام فيها بالتخصيص ، ولسان الروايات آبية عنه كما هو ظاهر.
الثاني : ان تعليل وجوب التوقف فيها بان الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة ظاهر في كون الأمر بالتوقف إرشاديا لا مولويا ، فانه ظاهر في ثبوت الاحتياط مع قطع النّظر عن هذه الاخبار ليصح تعليل وجوب التوقف باحتمال الاقتحام في الهلكة ، ضرورة انه لا وجه للتعليل لو أريد إثبات وجوب الاحتياط بنفس تلك الاخبار كما هو مقصد الاخباري ، وعليه فيختص موردها بالشبهة قبل الفحص ، أو المقرونة بالعلم الإجمالي التي يجب فيها الاحتياط من غير جهة اخبار التوقف.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٨ ـ باب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٢٣.