لا يقال : ان تعليل وجوب التوقف في مطلق الشبهات باحتمال الاقتحام في الهلكة يدل على وجوب الاحتياط المولوي بالدلالة الالتزامية ، كما تدل الاخبار عن ترتب العقاب على ارتكاب شيء على حرمته بتلك الدلالة.
فانه يقال : فرق بين ما نحن فيه وبين الاخبار عن ترتب العقاب على ارتكاب شيء ، وذلك فان العقل لما أدرك عدم صحة العقاب على فعل المباح ، فلا محالة تكون الاخبار عن العقاب على فعل اخبار عن حرمته بالالتزام ، وهذا بخلاف التعليل في المقام ، إذ ليس المخبر به فيه إلّا كون التوقف خيرا من الاقتحام في الهلكة ، فكون الإقدام اقتحاما في الهلكة أمر مفروض الوجود ، والأمر بالتوقف متفرع عليه ، ومعه كيف يمكن أن يكون الأمر مولويا طريقيا ومصححا للعقاب على مخالفة الواقع ، فليتأمل.
لا يقال : انما يلزم حمل الأمر على الإرشاد لو كان المراد من الهلكة العقاب ، واما لو أريد به المفسدة الواقعية أمكن حمل الأمر بالتوقف على المولوي ، ومتى أمكن ذلك لم يصح الحمل على الإرشاد ، وحينئذ كانت الروايات كافية في إثبات العقاب على مخالفة الواقع المجهول ، لأنها حينئذ تكون إيصالا له.
فانه يقال : حمل الهلكة على المفسدة الواقعية مع أنه خلاف الظاهر في نفسه يستلزم الالتزام بالتخصيص في موارد الشبهة الموضوعية ، وقد أشرنا إلى ان الروايات آبية عنه ، فلا مناص من حمل الهلكة على العقاب ، ومعه كان الأمر ظاهرا في الإرشاد.
لا يقال : سلمنا ذلك ، إلّا ان عموم الشبهات لما كان هو محل الكلام يكشف عن جعل وجوب الاحتياط قبل ذلك ، فيكون التنجيز لأجله ، لا لأجل وجوب التوقف.
فانه يقال : إيجاب الاحتياط لو كان واصلا مع قطع النّظر عن اخبار التوقف