فهو مع كونه خلاف المفروض ، يستحيل ان تكون اخبار التوقف كاشفة عنه ، وان لم يكن واصلا امتنع تنجز الواقع به ، فان الإيجاب الطريقي لا يزيد على الإيجاب الواقعي في استحالة الانبعاث عنه قبل وصوله ، فكما ان الوجوب الواقعي لا يكفي في التنجز قبل الوصول كذلك الوجوب الطريقي ، وعليه كان مورد اخبار التوقف خصوص الشبهات قبل الفحص ، أو ما كان من أطراف العلم الإجمالي ونحوه مما كان الواقع فيه منجزا مع قطع النّظر عن هذه الاخبار.
وقد أجاب الشيخ الأنصاري (١) عن الإشكال بأن إيجاب الاحتياط لا يكفي في تنجيز الواقع المجهول ، فانه ان كان وجوبا نفسيا فالعقاب حينئذ يكون على مخالفة نفسه لا على الواقع ، وان كان وجوبا غيريا فلازمه ثبوت العقاب على التكليف الواقعي مع فرض عدم وصوله.
ويرد عليه : ان الوجوب غير منحصر في القسمين ، بل ان وجوب الاحتياط على تقدير ثبوته طريقي ، وبه يتنجز الواقع.
ومما ذكرناه ظهر الجواب عن اخبار التثليث ، فان ما ثبت الترخيص فيه ظاهرا من قبل الشارع داخل فيما هو بين رشده لا في المشتبه ، فكما ان ما شك في حرمته الواقعية من الشبهات الموضوعية خارج من موارد وجوب التوقف كذلك ما شك في حرمته من الشبهات الحكمية بعد الفحص. وبالجملة المشكوك حرمته كالمشكوك نجاسته ، وكما ان الثاني غير مشمول لهذه الاخبار كذلك الأول ، والملاك في الجميع ثبوت الترخيص المانع عن صدق المشتبه على المشكوك حقيقة ، وان صح إطلاقه عليه بالعناية باعتبار التردد في الحكم الواقعي وعدم وضوحه.
الطائفة الثانية : الاخبار الآمرة بالاحتياط ، كقوله عليهالسلام «أخوك دينك فاحتط
__________________
(١) فرائد الأصول : ١ ـ ٣٨٤ (ط. جامعة المدرسين).