والتحقيق ان يقال : ان الشبهة في حرمة اللحم تارة : تكون حكمية ، وأخرى : موضوعية. والشبهة الموضوعية على أقسام.
أحدها : ما كان الشك في حلية اللحم من جهة دوران الأمر بين كونه من مأكول اللحم أو من غيره ، مع العلم بوقوع التذكية بجميع شرائطها عليه ، وذلك كالشك في كون اللحم المتخذ من حيوان علم وقوع التذكية عليه من شاة أو أرنب
ثانيها : ما إذا كان الشك في الحلية من جهة احتمال طرو عنوان على الحيوان مانع من قبوله للتذكية ، بعد العلم بقابليته لها في حد ذاته ، كاحتمال عروض الجلل على الشاة ، أو كونها موطوءة إنسان ، أو ارتضاعها من لبن خنزيرة.
ثالثها : ما يكون الشك في حليته لاحتمال عدم قبول الحيوان للتذكية ذاتا ، بعد العلم بوقوع الذبح الجامع للشرائط عليه ، كما لو تردد الحيوان المذبوح بين كونه شاة أو كلبا ، لأجل ظلمة أو عمى.
رابعها : ما يكون الشك فيه من جهة احتمال عدم وقوع التذكية عليه ، لكن لا من حيث قابلية الحيوان ، بل من حيث احتمال اختلال بعض شرائطها الأخرى ، مثل كون الذابح مسلما ، أو كون الذبح بالحديد ، أو إلى القبلة وهكذا.
ونحن نتعرض للشبهة الموضوعية بأقسامها ، ثم نتكلم في الشبهة الحكمية ، وهي أيضا على أقسام ، فنقول :
اما القسم الأول : وهو الشك في حلية أكل اللحم بعد العلم بوقوع التذكية عليه ، فهو مورد لأصالة الحل والبراءة من دون حاجة إلى الفحص ، لكون الشبهة موضوعية. واما ما أفاده الشهيد قدسسره من ان الأصل في اللحوم مطلقا هو الحرمة (١) فهو بالإضافة إلى هذا الفرض غير صحيح ، إذ لا وجه له بعد فرض إحراز وقوع التذكية
__________________
(١) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية : ١ ـ ٢٨٥ ـ ١٨٦.