الداخلية.
الثالث : أن يكون النهي عن الطبيعة بنحو صرف الوجود ، أعنى به أول الوجود من الطبيعة ، فلا يتصف غيره بالحرمة ، ولا يبعد أن يكون النهي عن بعض أنواع المفطرات في بعض أقسام الصوم من هذا القبيل. وفي هذا الفرض لو أراد المكلف ارتكاب مشكوك الفردية فلا محالة يشك في صدق أول وجود الطبيعي عليه ليكون حراما ، فيرجع فيه إلى البراءة.
فاتضح أن المرجع في الزجر عن الفعل بجميع أقسامه هو البراءة.
وأما على الثاني : أعني ما لو أريد من النهي البعث نحو ترك الفعل لثبوت مصلحة فيه ، كما لا يبعد أن يكون النهي عن تروك الإحرام من هذا القبيل ، فله أيضا أقسام.
الأول : أن يكون المصلحة في كل واحد من التروك ، فيكون الحكم انحلاليا ، وعليه فالمرجع في الفرد المشكوك هو البراءة ، للشك في تعلق التكليف به.
الثاني : أن يكون المصلحة الواحدة قائمة بمجموع التروك ، وربما يعبر عنه بالجمع في الترك. وفي هذا الفرض أيضا يكون كل فرد من أفراد التروك واجبا ، غايته بوجوب ضمني لا استقلالي ، فإذا شك في فردية شيء للطبيعة فلا محالة يشك في تعلق التكليف الضمني به ، فيرجع فيه إلى البراءة ، إذ لا اختصاص لها بالتكاليف الاستقلالية ، بناء على جريانها عند الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين ، كما هو الصحيح على ما سيأتي الكلام فيه مفصلا.
الثالث : أن يكون المطلوب أمرا وحدانيا بسيطا متحصلا من مجموع التروك ، ويعبر عنه بخلو صفحة الوجود عن الطبيعة ، وفي مثل ذلك لا مناص من القول بالاشتغال ، وعدم جواز ارتكاب ما يشك في فرديته لها ، لرجوع الشك حينئذ إلى الشك في المحصل بعد ثبوت التكليف ، فما أفاده قدسسره من عدم جريان البراءة إنما يتم