واحد من أفراد المانع جاز ارتكاب بقية الافراد أيضا ، لسقوط التكليف الوحدانيّ بالاضطرار ، فلا موجب للاجتناب عن غير المضطر إليه. ويجري هذا الكلام في الاضطرار إلى الصلاة في الثوب المتنجس ونحوه.
فتحصل مما ذكر أن جريان البراءة عن مانعية اللباس المشكوك ، وجواز الصلاة فيه يتوقف على أمور ثلاثة.
الأول : أن يكون القيد المعتبر في الصلاة أمرا عدميا ، ويعبر عنها بمانعية وقوعها في غير المأكول.
الثاني : جريان البراءة عند الشك في الأقل والأكثر.
الثالث : جريان البراءة في الشبهات الموضوعية فيما إذا كان الحكم انحلاليا.
فان تمت الأمور الثلاثة صح الرجوع إلى البراءة في اللباس المشكوك فيه. وأما إذا لم يتم واحد منها فلا يمكن الرجوع إلى البراءة. وهل يمكن إثبات الجواز بأصل آخر مثل الاستصحاب؟ الظاهر ذلك ، وتوضيحه بتقديم مقدمة : وهي أن جميع الشروط والموانع المعتبرة في الصلاة وإن كانت منسوبة إلى الصلاة إلّا أن معروضها يختلف ، فتارة : يكون الشرط أو المانع وصفا للمصلي ، وأخرى : يكون وصفا للباس ، وثالثة : لنفس الصلاة. فكل وصف كان من قبيل الأول جرى فيه الاستصحاب ، لثبوت الحالة السابقة فيه ، فان لم يكن المصلي قبل لبسه اللباس المشكوك فيه لابسا لغير المأكول فيستصحب ذلك. وأما لو كان الوصف من قبيل القسمين الآخرين فلا مجال للاستصحاب ، إذ لم يكن لنفس الصلاة أو اللباس حالة سابقة متيقنة ليستصحب ذلك ، فاللباس من أول وجوده يشك في كونه من المأكول ومن غيره ، كما أن الصلاة من أول وجودها يشك في اقترانها بغير المأكول وعدمه. ومن هنا فصل بعضهم في اللباس بين ما إذا شك في كونه من المأكول من أول الأمر