الاستصحاب باستصحاب عدم انقلاب المادة إلى الصورة الأخرى ، لعدم ترتب أثر شرعي عليه إلّا بنحو الأصل المثبت. ونظير المقام ما لو انقلب ماء العنب إلى مائع آخر وشك في انقلابه إلى الخمر ليحرم أو إلى غيره ليكون حلالا ، فيجري فيه استصحاب عدم تبدله بالخمر ، ولا يجري استصحاب عدم انقلابه إلى المائع الآخر ، إذ لا يترتب عليه الانقلاب إلى الخمر ، فلا أثر له.
والمتحصل من جميع ما ذكر صحة جريان البراءة عن مانعية المشكوك فيه ، وعلى تقدير عدم صحته يمكن الرجوع إلى الاستصحاب الموضوعي ، إما بإجرائه في العدم الأزلي ، وإما بإجرائه في العدم النعتيّ. ومع الإغماض عن جميع ذلك لا مانع من الرجوع إلى الاستصحاب في خصوص ما إذا كان الشك في طرو المانع بعد اليقين بعدمه.
تتميم
قد عرفت فيما تقدم أن جريان البراءة في موارد الشك في التكليف في الشبهات الموضوعية لا ينافي حسن الاحتياط عقلا وشرعا ، بل الاحتياط حسن حتى فيما قامت الأمارة على عدم التكليف في الواقع ، فان احتمال ثبوت التكليف في الواقع كاف في حسن الاحتياط وتدارك المصلحة الواقعية ، إلّا أن ذلك فيما لم يستلزم الاحتياط اختلال النظام ، وفيما استلزم ذلك كان قبيحا عقلا وشرعا ، فحسن الاحتياط من أول الأمر مقيد بعدم استلزامه اختلال النظام ، إلّا أن استلزام الاحتياط لاختلال النظام أمر يختلف باختلاف الأشخاص واختلاف حالاتهم ، فرب شخص منزو في بيته منعزل عن الناس ويقل ابتلائه بالشبهات ، فلا يكون الاحتياط التام بالنسبة إليه موجبا لاختلال نظام أموره ، فيحسن الاحتياط له في جميع الشبهات ، وربما يكون الشخص مبتلى بالمعاشرة مع الناس فيختل نظامه لو