الخارج بعدم وجوبهما تعيينا ، واحتملنا ثبوت الوجوب لهما تخييرا ، فلو دل دليل على وجوب صلاة الجمعة الظاهر في كونه واجبا تعيينا ، ودل دليل آخر على وجوب صلاة الظهر كذلك ، أو دل أحد الدليلين على وجوب صلاة القصر والآخر على وجوب صلاة التمام كان مقتضى القاعدة رفع اليد عن الظهور في الوجوب التعييني المستفاد من الإطلاق ، وحمل كل منهما على الوجوب التخييري. وبالجملة كلما دار الأمر بين رفع اليد عن أصل الحكم ورفع اليد عن إطلاقه ، كان الثاني هو المتعين ، لأنه المتيقن ، واما رفع اليد عن أصل الحكم فلا موجب له بعد إطلاق دليله أو عمومه.
إذا عرفت ذلك فنقول : من الواضح ان القسم الأول من التخيير غير جار في المقام ، لعدم الدليل عليه. كما ان القسم الثاني أجنبي عما نحن فيه ، لأن المكلف في مورد العلم الإجمالي قادر على الامتثال القطعي بالاجتناب عن مجموع الأطراف ، كما انه قادر على ارتكاب جميعها. نعم التخيير في الخبرين المتعارضين على مسلك المعتزلة من باب التخيير في باب التزاحم ، إلّا انه مع بطلانه في نفسه أجنبي عن التخيير في باب الأصول العملية.
واما القسم الثالث ، فربما يتوهم جريانه في المقام بدعوى : ان مقتضى إطلاق أدلة الأصول هو ثبوت الترخيص في كل واحد من أطراف العلم الإجمالي ، سواء عمل المكلف على طبقه بارتكابه له أم لم يعمل ، وقد علمنا من الخارج استحالة هذا الجعل ، لاستلزامه الترخيص في مخالفة التكليف الواصل ، لكنه يدور الأمر بين رفع اليد عن الترخيص في جميع الأطراف رأسا ورفع اليد عن إطلاق وتقييده في كل طرف بما إذا لم يرتكب الطرف الآخر ، وقد عرفت ان المتعين هو الثاني ، ولازم ذلك هو الالتزام بالتخيير في تطبيق الترخيص على أي طرف من الأطراف كيف ما أراد المكلف. وقد وقع نظير هذا في تعارض الأمارتين ، فتوهم ان مقتضى القاعدة هو