وان شئت قلت : زوال العلم الإجمالي بعد الإتيان بإحدى الصلاتين كزوال العلم التفصيليّ عند احتمال الإتيان بالواجب المعلوم وجوبه ، فكما أن زواله بقاء لا ينافي تنجيزه بعد بقائه متعلقا بحدوث التكليف ، كذلك زوال العلم الإجمالي بقاء لا ينافي تنجز المعلوم به بعد بقائه متعلقا بحدوث التكليف المردد بين أمرين أو أمور ، نعم لو زال العلم التفصيليّ بتبدله بالشك الساري كزوال العلم الإجمالي في المقام بتبدله بالعلم التفصيليّ لم يكن مانع من الرجوع إلى الأصل كما عرفت.
فان قلت : إذا أتى بإحدى الصلاتين المعلوم وجوب إحداهما إجمالا ، فالعلم الإجمالي بحدوث التكليف المردد وان كان موجودا فعلا إلّا أنه لا يمنع من الرجوع إلى الأصل في الصلاة التي لم يؤت بها ، فيرفع بذلك وجوبها ، فان وجوبه بالفعل مشكوك فيه ، والأصل الجاري فيه غير معارض بالأصل في الطرف الآخر ، لعدم ترتب أثر عليه ، وقد عرفت ان تنجيز العلم الإجمالي انما كان من جهة تعارض الأصول وتساقطها.
قلت : الشك فعلا في وجوب الصلاة التي لم يؤت بها ليس شكا آخرا غير الشك الموجود أولا ، وقد فرضنا عدم شمول دليل الأصل له بالمعارضة ، فكيف يشمله بعد الإتيان بإحدى الصلاتين ، وهل الأصل الساقط في شيء يعود بعد سقوطه؟!
فان قلت : لا مانع من ذلك بعد إطلاق الدليل لكل حال من الحالات ، غاية الأمر رفعنا اليد عنه بالمعارضة ، والضرورات تقدر بقدرها ، فإذا ارتفعت المعارضة بالإتيان بإحدى الصلاتين أمكن التمسك بإطلاق الدليل بعده في الطرف الآخر.
وبعبارة أخرى : الأمر في المقام دائر بين رفع اليد عن أصل الدليل ورفع اليد عن إطلاقه ، وبما ان المقتضى لرفع اليد هو المحذور العقلي ، أعني به لزوم الترخيص في المعصية ، فيقتصر فيه على مورده ، وهو صورة تعارض الأصلين ، واما إذا فرض