سيجيء الكلام فيه عن قريب.
وفيه : أولا : ان عدم التمكن من ارتكاب جميع الأطراف لا يلازم كون الشبهة غير محصورة ، فقد يتحقق ذلك مع قلة الأطراف وكون الشبهة محصورة.
وثانيا : ان عدم القدرة على المخالفة القطعية أمر يختلف باختلاف المعلوم بالإجمال ، وباختلاف الأشخاص ، وباختلاف قلة الزمان وكثرته وغير ذلك من الخصوصيات ، فليس له ضابط كلي.
وثالثا : ان عدم التمكن من المخالفة القطعية ان أريد به عدم التمكن منها دفعة فكثير من الشبهات المحصورة كذلك ، وان أريد به عدم التمكن منها ولو تدريجيا فقل شبهة تكون غير محصورة ، إذ كثير من الشبهات غير المحصورة عندهم يتمكن المكلف من ارتكاب جميع أطرافها في ضمن سنة أو أقل.
فتحصل : انه لم يظهر لنا معنى للشبهة غير المحصورة حتى يتكلم في حكمها.
فالصحيح أن يقال : ان العلم الإجمالي بالتكليف قد يتمكن المكلف معه من الموافقة والمخالفة القطعيتين ، وقد يتمكن من إحداهما دون الأخرى ، وقد لا يتمكن من شيء منهما. اما الفرض الأخير فلا إشكال في عدم تنجيز العلم الإجمالي فيه ، كما لا إشكال في تنجيزه في الفرض الأول. واما الفرض الثاني ، فان تمكن فيه المكلف من المخالفة القطعية دون موافقتها فقد عرفت ان العلم الإجمالي موجب للتنجيز بالمقدار الممكن ، وسيأتي الكلام فيه مفصلا عند الاضطرار إلى ارتكاب بعض الأطراف. وان تمكن فيه من الموافقة القطعية دون مخالفتها فقد اختار المحقق النائيني رحمهالله فيه عدم تنجيز العلم الإجمالي ، بدعوى : ان وجوب الموافقة القطعية متفرع على حرمة المخالفة القطعية ، فإذا لم تحرم الثانية لم تجب الأولى (١).
__________________
(١) فوائد الأصول : ٤ ـ ١١٩.