ارتكاب كل منها وعدمه. وذهب إلى عدم تنجيزه فيما إذا كان بعض أطرافه خارجا عن محل الابتلاء ، وذلك لأنه يعتبر في صحة التكليف الفعلي بشيء كونه في محل الابتلاء ، وإمكان تعلق إرادة المكلف بإيجاده عادة ، وإلّا كان الزجر عنه مستهجنا ، وعليه فلو كان بعض أطراف العلم الإجمالي خارجا عن مورد الابتلاء لم يكن معه علم بتكليف فعلي ، إذ يدور أمره بين كونه فعليا أو مشروطا بشرط غير حاصل ، فيجري الأصل حينئذ في الطرف المحتمل فيه التكليف الفعلي بلا معارض.
ولم يفرق المحقق الخراسانيّ في هامش الكفاية بين الشبهة الوجوبية والتحريمية (١) بدعوى : ان ما ذكر من الملاك لصحة التكليف التحريمي وهو إمكان تعلق إرادة المكلف بالفعل عادة جار في التكليف الوجوبيّ أيضا ، إذ يعتبر في صحته إمكان تعلق إرادة المكلف بالترك عادة ، وعليه فيعتبر في تنجيز العلم الإجمالي في الشبهة الوجوبية أن لا يكون بعض الأطراف مما يوجد بطبعه في الخارج.
وأورد عليه المحقق النائيني (٢) بان متعلق التكاليف الوجوبية لما كان هو الفعل ، وهو يستند إلى الاختيار حتى إذا كان مفروض التحقق عادة ، ولو لم يكن إيجاب مولوي صح تعلق التكليف به ، ولا يكون ذلك من التكليف المستهجن ، وهذا بخلاف متعلق التكاليف التحريمية ، فانه الترك ، فإذا كان حاصلا بنفسه عادة من غير دخل لاختيار المكلف فيه يكون النهي عنه مستهجنا. ثم أفاد بعد ذلك ان الميزان في صحة التكليف انما هو إمكان داعويته للمكلف أو زاجريته ، لا فعلية ذلك ، فكل فعل أو ترك يستند إلى اختيار المكلف يصح تعلق التكليف به ولو كان ذلك حاصلا عادة ،
أقول : ما أفاده المحقق النائيني من الميزان في صحة التكليف متين جدا ، وقد
__________________
(١) كفاية الأصول «المحشّى» : ٤ ـ ٢٠٣.
(٢) فوائد الأصول : ٤ ـ ٥١ ـ ٥٢.