متعلقه ، وكونه مستندا إلى اختياره فعلا وتركا ، فكل ما كان بعض الأطراف غير مقدور للمكلف عقلا بان كان الترك أو الفعل فيه غير مستند إلى اختيار المكلف لم يكن العلم الإجمالي فيه منجزا ، لأنه لا يكون حينئذ علما بالتكليف الفعلي. وكل ما كان جميع الأطراف تحت قدرته واختياره وان كان بعضها خارجا عن محل الابتلاء بالمعنى الّذي ذكروه كان العلم فيه منجزا ، لصحة التكليف لكل من الأطراف على الفرض ، فالعلم بالتكليف المردد بينها يكون علما بالحكم الفعلي ، الّذي قد عرفت انه معه لا يجري الأصل في شيء من الأطراف ، فكان احتمال التكليف في كل طرف ملازما لاحتمال العقاب لا محالة.
وبالجملة ان اعتبار كون الفعل في محل الابتلاء زائدا على القدرة عليه في حسن النهي عنه انما يتم في التكاليف العرفية ، التي لا يكون الغرض منها غير حصول متعلقاتها في الخارج فعلا أو تركا. واما التكاليف الشرعية فالغرض منها كما عرفت في بحث التعبدي والتوصلي انما هو تكميل النفوس البشرية بجعلها داعية إلى الفعل أو الترك ، ليحصل بذلك القرب من المولى سبحانه ، من دون فرق فيها بين التعبديات التي لا يسقط التكليف فيها بغير قصد القربة والتوصليات التي يسقط التكليف فيها بغير الامتثال أيضا ، ولو لا ما ذكرناه من الغرض في التكاليف الشرعية لم يصح الزجر عما لا يوجد الداعي إلى فعله دائما أو غالبا ، كنكاح الأمهات ، وأكل لحوم الإنسان والقاذورات ونحوهما ، فوقوع مثل هذه النواهي أقوى دليل على عدم اعتبار شيء أزيد من القدرة العقلية ، وإمكان صدور الفعل من المكلف في صحة الزجر عنه وحسنه.
ثم ان قصد القربة المعتبر في صحة العمل العبادي ، وفي تحقق الامتثال ولو في غير العبادي قد يزاحمه وجود الداعي النفسانيّ إلى الفعل أو الترك ، وقد لا يزاحمه ، فيتحقق الامتثال في الخارج ، ويتقرب العبد من المولى وان كان له داعي