نفساني أيضا ، وتوضيح ذلك ان قصد القربة إذا انضم إليه الداعي النفسانيّ فهو يتصور على وجوه.
الأول : أن يكون الداعي للمكلف فعلا نحو الفعل أو الترك أمر المولى وتكليفه ، ولا يكون الداعي النفسانيّ الموجود معه إلّا مندكا فيه كالحجر في جنب الإنسان. وهذا لا إشكال في صحة العبادة معه ، وتحقق التقرب به مطلقا.
الثاني : ان ينعكس الأمر ، بان يكون الداعي الفعلي للمكلف نحو العلم مجرد ميله النفسانيّ ، وكان قصد القربة تابعا ومندكا فيه بحيث لو لم يكن في البين تكليف لأتى بالعمل أيضا. وهذا لا إشكال في فساد العبادة معه ، وفي عدم حصول التقرب مطلقا.
الثالث : أن يكون الداعي له كلا الأمرين ، ويتصور هذا على قسمين.
الأول : أن يكون لكل من الأمرين دخل في تحقق الفعل أو الترك ، بان يكون كل منهما جزء السبب. ولا إشكال معه في فساد العبادة ، وعدم حصول القربة لقوله تعالى انا خير شريك من عمل لي ولغيري جعلته لغيري.
القسم الثاني : أن يكون كل من الداعيين تام السببية ، كما لو فرضنا حرارة الهواء بحيث لو لم يكن من المولى تكليف بالغسل لكان المكلف مستعملا للماء لأجل تبريد بدنه ، ولكن لو لم يكن الهواء حار لكان مجرد أمر المولى كافيا في محركيته للعبد وخضوعه لمولاه. وقد وقع النزاع في حصول التقرب ، وصحة العمل العبادي في هذا القسم. إلّا ان الظاهر حصول التقرب فيه ، إذ العبد حينئذ لا يتمكن من أن يجعل داعيه خصوص أمر المولى ، فليس عليه إلّا ان يسند العمل إلى مولاه ، بان لا يكون في تحركه عن تحريك المولى قصور في نفسه ، وانضمام داع آخر إليه قهرا لا يضر بإضافته عمله إلى مولاه ، وكونه تام العبودية في مقام الامتثال. ولو لا ما ذكرناه لم يحكم بصحة صوم من لا يبطل صومه عند الناس بطبعه تحفظا على مقامه وشرافته ،