اما الصورة الأولى : كما إذا فرضنا انه انتقلت إحدى الشجرتين إلى شخص وغصب الأخرى ، ثم اشتبهتا ، فحصل لإحداهما نماء دون الأخرى ، فالصحيح فيها الحكم بضمان المنافع وحرمة التصرف فيها ، عملا باستصحاب بقاء أصل الشجرة على ملك مالكها وعدم انتقالها إليه ، ومقتضى ذلك الحكم بمالكية المنافع لمالك الشجرة ، فيحرم التصرف فيها بغير اذنه ، ويضمنها لكون اليد عليها يد عادية.
فان قلت : ان استصحاب بقاء الشجرة ذات النماء على ملك مالكها الأصلي معارض باستصحاب بقاء الشجرة الأخرى على ملك مالكها ، للعلم الإجمالي بمخالفة أحدهما للواقع ، فإجراء الأصل في الأولى دون الثانية ترجيح بلا مرجح ، قلت : لا معارضة بين الاستصحابين بعد ما عرفت سابقا من ان العلم بالمخالفة الواقعية في أحد الاستصحابين على الإجمال لا يمنع جريانهما إذا لم يستلزم المخالفة العملية ، كما هو المفروض في المقام ، وعليه فيحكم بحرمة التصرف في كل من الشجرتين ، وبضمان المنافع المتجددة.
واما الصورة الثانية : كما لو خرج شخصان للصيد ، وصاد كل منهما صيدا ، فغصب أحدهما ما اصطاده الآخر ، ثم اشتبها ، فحصل لأحدهما نماء دون الآخر ، فالظاهر فيها عدم الحكم بضمان المنافع ، لعدم إحراز كون النماء ولا العين مملوكة للغير في زمان ليستصحب ذلك ، واستصحاب عدم دخول الماء في ملك من بيده العين لا أثر له في إثبات الضمان ، لأنه مترتب على وضع اليد على ملك الغير ، لا على وضعها على غير مملوكه ، ومن الظاهر انه لا يثبت موضوع الضمان بالأصل المزبور.
واما جواز التصرف في ذلك وعدمه ، فيبتنيان على النزاع المعروف في جريان أصالة البراءة في الأموال وعدمه. فعلى الأول لا مانع من التصرف في النماء ، لعدم إحراز كونه مال الغير ، وعلى الثاني لا بد من الاحتياط. لكن الظاهر هو الأول ، فان أدلة البراءة عامة ، ولم يرد ما يوجب تخصيصها بغير الأموال إلّا ما ربما يقال من