ولا يخفى عليك ما في كلا الجوابين.
اما الأول : فلأنه لا يتم على مسلك من يرى تبعية الأحكام للملاكات الواقعية. وجواز الرجوع إلى البراءة على مذهب الأشعري لا يجدي القائل ببطلانه ، كما هو ظاهر.
واما الثاني : فلما أورد عليه في الكفاية (١) بوجوه ، نذكر أهمها.
الأول : ان ما ذكره الشيخ رحمهالله من عدم إمكان تحصيل القطع بالغرض لو تم فانما يتم في التعبديات دون التوصليات التي لا يحتمل فيها دخل قصد الوجه في حصول الغرض خارجا ، فلازم ذلك هو القول بوجوب الاحتياط في الواجبات التوصلية دون التعبدية ، وهو باطل قطعا.
الثاني : ان لازم ما ذكره عدم التمكن من الاحتياط في المقام أصلا ، وهو باطل بالضرورة. بيان الملازمة ان الاحتياط ان كان لأجل القطع بإدراك المصلحة الواقعية فهو غير ممكن على الفرض ، وان كان للتحرز من العقاب فالمفروض حصوله بإتيان الأقل وعدم احتمال العقاب على ترك الأكثر ، فلا معنى للاحتياط بالإتيان بالأكثر ، أصلا. نعم لا بأس بالاحتياط في دوران الأمر بين المتباينين ، إذ المفروض في مورده عدم حصول الأمن من العقوبة إلّا بالاحتياط ومراعاة العلم الإجمالي في جميع أطرافه وان لم يمكن الجزم بحصول الغرض مع ذلك ، لاحتمال دخل قصد الوجه في حصوله.
الثالث : ان ما ذكره مبني على احتمال دخل قصد الوجه في حصول الغرض وتحققه خارجا ، مع انه احتمال لا يساعد عليه دليل ، بل هو مقطوع البطلان على ما تقدم بيانه في بحث التعبدي والتوصلي. على انه لو صح احتمال دخل قصد الوجه في
__________________
(١) كفاية الأصول : ٢ ـ ٢٣٢ ـ ٢٣٣.